للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبيل البربر-: أنت أهل للخلافة؛ إذ بعض الشروط قد توفرت فيك. ويعني ببعض الشروط: الركن الذي عليه مدارها، وهو جودة الرأي، وشدة البأس.

ولا شبهة أن الوجه الذي تقررت به الخلافة في بني عثمان، لا تقل عن الوجه الذي ثبتت به خلافة بني العباس، إلا أن عبد الله السفاح أول العباسيين أرسل وراء آخر خلفاء بني أمية مروان بن محمد جيشاً، فقتله، أما السلطان سليم، وهو أول خليفة عثماني، فإنه دخل مصر، وقد ضرب ملوكها على يد الخليفة العباسي، فسلبوه النفوذ جملة، ولم يُبقوا له من أثر الخلافة غير السكة والخطبة، فلم يلبث الخليفة محمد المتوكل أن تنازل للسلطان عن الخلافة، ثم جاء إليه ابن أبي البركات شريف مكة المكرمة، وقدم له بيده مفاتيح الحرمين الشريفين من تلقاء نفسه، وصارت الخطب تتلى باسم السلطان سليم بزيادة: خادم الحرمين الشريفين. ثم إنه أخذ في صحبته محمد المتوكل إلى الآستانة، وأطلق له بعد ذلك سبيل العود إلى مصر، وأقام بها إلى أن توفي، واستقرت الخلافة في بيت آل عثمان على وجهها المشروع.

فقيام سلطان يحمل راية الخلافة حقيقةٌ شرعية، وأمر لا غنى للمسلمين عنه، ما داموا يطمحون إلى عزهم المكين، ويهمهم أن يقفوا في صفوف الأمم الأخرى موقف القرين. ويتعين عليهم أن يبذلوا في تأييد الخلافة جهد استطاعتهم؛ إذ متى تزلزل عرشها، وجمدت القلوب والأيدي عن مؤازرتها، تعدى ما يمسها من سخف وشقاء إلى سائر الشعوب، واستولى اليأس على النفوس، وحل التخاذل محل التعاطف، فيصبح العالم الإِسلامي كعقد تناثر على سطح محدب، فتفرقت جواهره بحيث لا تلتقي حبة بأخرى.

كانت الشعوب الأندلسية تتماسك بعرا الاتحاد تحت راية الخلافة بقرطبة،