للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

طبيعة الدين من اليسر والسماحة، حتى يسيروا في الاقتداء به على قدر ما يأمرهم به، وينهاهم عنه.

فمن الممكن أن يجيء تكليف شاق تقتضيه حكمة الابتلاء، وإنما يكون هذا حيث يكون باب الوحي مفتوحاً، وتبديله بما هو أيسر قريباً، ولا نجد فيما تقرر من أحكام الشريعة تكليفاً تشتد مشقته إلى حد أن يعجز الناس عن القيام به.

واختلفت الروايات في عدد ركعات التراويح التي كانت تُصلى بالمسجد في عهد عمر، فروى مالك في "الموطأ": أن عمر أمر أُبَيَّ بن كعب، وتميماً الداريّ (١) أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، ويصح أن يكون هذا العدد مأخوذاً من صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ففي حديث الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - أنها سئلت عن صلاته في رمضان، فقالت: "ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة"، وهناك رواية أخرى في "الموطأ": أن الناس كانوا يقومون في زمان عمر بن الخطاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعة. وأمر هذا الاختلاف هين، والجمع بين الروايتين سهل: هو أن عدد الركعات كان يختلف باختلاف الأحوال، ومن المحتمل القريب أنه يرجع إلى تطويل القراءة وتخفيفها، فحيث طولوا القراءة، خففوا الركعات، وحيث قللوا القراءة، أكثروا من الركعات.


(١) كان أبي بن كعب يصلي للرجال، وتميم الداري يصلي للنساء.