للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه رحل إلى المشرق، ورحلة العالم إلى المشرق لا تخفى على المؤرخين. وعرف القفطي من تاريخ الحكماء بأبي الحكم عمر الكرماني من أهل قرطبة، وقال: إنه رحل إلى المشرق، وهو أول من جلب "رسائل إخوان الصفاء" إلى الأندلس، ولم يعلم أن أحداً أدخل الرسائل قبله. وعمر الكرماني توفي سنة ٤٥٨ هـ.

وقال مؤلفون: اثنتين وخمسين رسالة. ويعد أن عدوها، وذكروا موضوع كل رسالة، قالوا: "والرسالة الجامعة لما في هذه الرسائل المتقدمة كلها، المشتملة على حقائقها ... "، وطبعت هذه الرسائل، ولم تطبع الرسالة الجامعة معها. والدليل على أن مؤلفها هو من ألف هذه الرسائل: قولهم عندما تكلموا على إدريس - عليه السلام -: "وقد ذكرناه في رسالتنا الجامعة، وأشرنا إليه في رسائلنا". وطبعت الرسالة الجامعة في المجمع العلمي العربي بدمشق منسوبة إلى الحكيم المجريطي. ولم تثبت نسبتها إلى المجريطي تاريخيًا، وإنما كتب على بعض النسخ المخطوطة اسم الحكيم المجريطي. ثم إن الرسالة الجامعة مؤلفة على نمط "رسائل إخوان الصفاء"، ومكتوبة بلسانهم، فأسلوبها يدل على أن من ألف رسائل إخوان الصفاء هو نفسُه الذي ألف الرسالة الجامعة.

ولا يهمنا كثيراً في هذا المقال تحقيق نسبة هذه الرسائل إلى مؤلفيها، وإنما يهمنا الغرض الذي صنعت من أجله، وما اشتملت عليه، أحق هو أم باطل؟.

قال أبو سليمان المنطقي -فيما حكاه أبو حيان التوحيدي في حديثه مع الوزير ابن سعدان- عن رسائل الصفاء: " قد تعبوا وما أغنوا، ونصبوا وما أجدوا،