للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يعمل بمقتضى القول الضعيف في خاصية نفسه، أو يفتي به قريبه أو صديقه فضلاً عن التجاهر به للجمهور، طبقاً لما قرره المحققون من الأصوليين والفقهاء.

وسرُّ هذا الأصل، أن الأقوال الشاذة إما أن تكون مائلة إلى الشدة أو الانحلال، وكلاهما على خلاف مقصد الشارع حسبما مهدناه في المقالة الافتتاحيةِ.

ومنهم من أغفل هذا الأصل، فتجده يورد الخلافات في صورة الاستدلال على الإباحة، حتى إذا سأل سائل عن حكم نازلة متطلباً لما هو الأصلح له في نظر الشرع الحكيم، رده على عقبه إلى ما كان عليه من التخيير المطلق، فقال له:

في مسألتك قولان، ويعني بذلك إفتاعه بالجواز من غير دليل يدل عليه سوى ما جرى في المسألة من الخلاف، وما علم أن للشارع حكماً مسمطاً ينزع بالمكلف من الانخفاض لسلطان الشهوة التي هي عين ذلك التخيير.


= الأقوال الضعيفة أمران: اتساع النظر ومعرفة مدارك الأقوال، وليعمل المكلف بالضعيف في خاصيهّ نفسه إذا تحقق الضرورة، ولا يجوز للمفتي أن يفتي بغير الراجح خوف أن لا تكون الضرورة محققة.
ولعل هذا هو الذي اشتبه على المنتقد، ومن زاد النظر بسطة لم يجد العمل بالقول الضعيف عند تحقق الضرورة خروجاً عن القول الراجح، لأن القول الراجح إذا اقتضى المنع مثلاً كان المنع مقيداً بانتفاء الضرروة قطعاً، فكأن صاحبه يقول: يُمنع فعل كذا ما لم تدع إليه ضرورة فيفعل، وعليه فلا يكون في الفعل عند تحقق الضروة عدول عن القول الراجح أصلاً، ولا توفيق إلا بالله.