للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم ينقل عن أحد من المسلمين - على اختلاف فرقهم - إنكارُ الجن، وإنما ينكرهم طائفة من غير المسلمين.

قال ابن حزم من كتاب "الفصل": "لما أخبرت الرسل الذين شهد الله -عَزَّ وَجَلَّ- بصدقهم بما أبدى على أيديهم من المعجزات المحيلة للطبائع، بنصِّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- على وجود الجن في العالم، وجب ضرورة العلمُ بخلقهم ووجودهم".

وقال: "وأجمع المسلمون على ذلك (وجود الجن)، نعم، والنصارى والمجوس والصابئون، وأكثر اليهود، حاشا السامرة فقط، فمن أنكر الجن، أو تأول فيهم تأويلاً يخرجهم عن هذا الظاهر كافرٌ ومشرك".

وإنما ينكر الجن من جمد عقلُه في دائرة من المحسوسات لا يتخطاها أنملة، ونحن نعلم أن العقل وحده لا يصل إلى العلم بوجودهم، كما أنه لا يستطيع إقامةَ الدليل على نفيهم، بل إذا سئل عنهم، وهو صحيح النظر، مجردٌ من كل تقليد، أقر بإمكان وجودهم؛ إذ ليس من شرط كل موجود أن يدرك بإحدى الحواس الخمس، فقدرة الله تعالى تسع خلقاً ينشأ من عنصر لطيف، فلا يقع عليه النظر، وإذا أقرَّت العقول إمكانَ شيء، وأخبر الدين القائم على البرهان بوجوده، تلقينا خبره بالقبول، ولم نفرق بينه وبين ما أدركناه بالمشاهدة، أو ثبت بالأدلة العقلية مباشرة.

* إنكاره للشياطين:

ينكر المؤولُ الجنَّ، وينكر أن يكون هناك مخلوق غير الإنسان يقال له: شيطان. تجد هذا الإنكار عندما يرد لفظ إبليس أو الشيطان في آية، فيأبى أن يبقيه على المعنى المعروف في الكتاب والسنَّة وإجماع المسلمين، فانظر إلى أصرح آية في هذا المعنى، وهي قوله تعالى: {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ