للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخلاف بينه وبين خصمه في مقال أو رسالة، ثم يأتي عليها بالحجة الساطعة، والبيان الناصع، في أمانة من النقل، وعفة من القول، هما المثال الأعلى لمن يبتغي الإنصاف والحق من أعدل طريق وأمثلِه.

ويقرأ خصمه الرد عليهم في مقالاته وكتبه، وكلهم أو جُلُّهم من عِلْية القوم، وأكابر الكتّاب، فيعجبون للأدب الرشيد، والقول السديد، والحجة البالغة، والعلم المصفى، والحكم البصير النافذ، الذي يتقدمه الإخلاص والإيمان، ويصحبه العدل والإحسان، فيخشع له كل عالم وأديب، ويهابه كل دفع أو تعقيب.

لكن النبلاء من خصمه، يفيدون من ذلك النبع الفياض، والأدب العالي الرفيع، ثم ينوِّهون به في حياته، ويدعون إلى التخلق به بعد وفاته، وكذلك فعل "الرجل العظيم".

كانا عضوين بالمجمع اللغوي، إلا أن "إمامنا" (١) كان أسبق؛ إذ كان ركنًا من أركان المجمع منذ أنشئ، وكانا عضوين في جماعة كبار العلماء، إلا أن "عظيمنا" (٢) كان أسبق منذ بضع سنين.

فلما تقدم إمامنا إلى عضوية الجماعة، ظن من لا يعرفون"الرجل" (٣): أن الفرصة قد هيئت للوقوف في طريق خصمه، لكنها كانت مفاجأة كريمة حاسمة أن زكّاه الخصم النبيل وهو يقول: "إنَّ من لا يزكي السيد الخضر في عضوية الجماعة، فإنما يلغي عقله، أو يسقط نفسه"، أو قال كلمة نحوها.


(١) الإمام محمد الخضر حسين.
(٢) الإمام محمود شلتوت.
(٣) الإمام محمود شلتوت.