للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنزهت به المجادلات عن الفحش، وتطهرت من الهمز واللمز، وتسامت عن التشهير والأذى الشخصي، فاقتبلها المجددون واثقين من أن التحيز والمبالغة والعناد ستزيف كلها على معيار هذه المجلة العلمية الراقية، وتلقفها خصوم التجديد حجة على أن شباب العلماء المتنورين، ليسوا على مذهب صاحب "المناردا وأتباعه، وقنع هؤلاء المحافظون بأن يعتضدوا بالشيخ النجار، ومجلة "السعادة العظمى"، مكتفين بذلك في باب الجدال العلمي، والنقاش النزيه، وإن بقيت لهم وسائلهم الأخرى في باب التشهير والسعاية والنكاية.

فقد عارضت هيئة النظارة العلمية بالجامع الأعظم في صدورها، وطالبت الحكومة بتعطيلها، وكان ذلك أصل الاضطهادات التي نالت صاحبها من طرف شيوخ النظارة، ومع ذلك، فقد أحاط بمجلة "السعادة العظمى" القبول الحسن، فقرظتها الجرائد، وانثالت عليها الرسائل والقصائد، في الثناء والتأييد من العلماء والأدباء وذوي الأفكار، وكانت نزعات التقارب تختلف باختلاف ما ينتمي إليه المقرظون من الشقين المتقابلين الواثقين بمجلة السعادة على السواء.

فكانت هذه المجلة مركزاً للحركة الفكرية، وقوة توجيه متصلة بجميع أهل الثقافة العربية، يجتمع تحتها شقان متباعدان، في سعيد الاحترام، وحسن الأدب، والتجرد، ولم تدم إلا عاماً ناقصاً، فصدر منها واحد وعشرون عدداً، أثيرت فيها مباحث مهمة حول المسائل الدينية التي كانت يومئذ شغل أفكار العلماء مع مجلة "المنار".