للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه البعثة وإعانتها، وهي في "الديوان" (ص ٣٣).

وفي السنة التالية (١٣٢٩ هـ) وجهت إليه التهمة ببث روح العداء للغرب، ولا سيما سلطة الحماية الفرنسية، فسافر إلى الآستانة متذرعاً بزيارة خاله السيد محمد المكي بن عزوز، ولما ظن أن الزوبعة هدأت، عاد إلى تونس بطريق "نابولي"، ولما استقر به المقام، رأى أنه لن يطيق البقاء في ذلك الجو الخانق، فأزمع الهجرة منه نهائياً، ووقع اختياره على دمشق، ليتخذها وطناً ثانياً له، وقد مر بالقاهرة سنة ١٣٣٠ هـ، وقد اجتمع بالشيخ طاهر الجزائري، وأحمد تيمور، والسيد رشيد رضا، ومحب الدين الخطيب الذي كان وقتئذٍ في قلم تحرير "المؤيد".

ولما وصل إلى دمشق، كانت الحركة العربية في بدايتها، وكانت الأمة تطالب الحكومة العثمانية بإعطاء اللغة العربية حقها من التعليم في المدارس الرسمية، فعين الشيخ محمد الخضر حسين مدرساً للعربية في المدرسة (السلطانية) بدمشق، وكانت سكة الحجاز الحديدية متصلة فيما بين دمشق والمدينة المنورة، فزار المسجد النبوي سنة ١٣٣١ هـ، وله في هذه الزيارة قصيدة في "الديوان" (ص ١٠٦).

وفي هذه الفترة زار البلاد التونسية، وفي "ديوانه" من ذكريات هذه الزيارة أبيات في (ص ١٢٦ و ١٣٤). وذهب في هذه المرة إلى الآستانة، ولقي وزير حربيتها أنور باشا، واختير الشيخ محرراً عربياً في وزارة الحربية، وكان في هذه الحقبة قد عرف دخيلة الحال في الدولة، وأصيب بخيبة أمل ما كان يتصوره بعين الخيال، وبين ما رآه بعين الحقيقة، فنظم في سنة ١٣٣٢ أبيات بعنوان: (بكاء على مجد ضائع) تجدها في "ديوانه" (ص ٦١)، وفي سنة ١٣٣٣