للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الملكية، فاختاره قائد الثورة إذ ذاك محمد نجيب للإشراف على إدارة الأزهر الشريف بفروعه، وقضى بهذه الخطة ردحاً من الزمن أبهر فيها مصر بما فيها من أهل العلم، وأحسن الإدارة والتوجيه المثمر.

وفارقها بمحض اختياره مكتفياً بصفته من كبار العلماء والمجمع اللغوي المصري، ومثله المجمع العلمي بدمشق، وهو الرجل الذي عرف مصر وأحبها، واختار أن يستوطنها ويعمل فيها ولها طول حياته، فهو رجل منقطع للعلم والعمل المتواصل، ولم يمنعه سنه العالي من الاستمرار في الإنتاج في ميدان الصحافة أيضاً والأدب. وقد كان راحلنا شاعراً ممتازاً في أطوار حياته المزدانة بالمفاخر والأعمال الجليلة، التي تشرف لا تونس فقط، بل العروبة والإِسلام.

هذا زيادة على توجيهاته للجالية التونسية المستقرة بمصر في الحقل التجاري، فهو أول سفير علمي سياسي اقتصادي لتونس بمصر في عهد منحتها هذه البلد التي كانت ولا زالت ملجأ لرجال الفكر من عهد عبد الرحمن بن خلدون، الذي يماثله في الاضطهاد والعقوق به، وأما اليوم، فإن تونس التي أصبح لها سفارة تونسية على رأسها الأستاذ الطيب السحباني، وثلة من رجال الفكر والأدب والعلم.

وآثار راحلنا تحت كل ورقة من المجلات الراقية العلمية، وعلى الأخص منها الدينية، المتمثل فيها أصول الدين، والمقاصد العليا التي أتى بها القرآن الكريم، والحديث الشريف، والسير على هدي السلف الصالح ممن وضّحوا الحقائق للبشر في هذه الأرض.

وبموته اليوم خسرت لا تونس فقط، بل العالم العربي، وأوساط الفكر