للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بارحها وهو يردد أسفه وحنينه قائلاً:

كأني دينار ودمشق راحة ... تعودت الإنفاق طولَ حياتها

فكم سمحت بي للنوى عقب النوى ... ولم أقض حق الأنس بين سراتها

فارق دمشق، وفارق أهله فيها. . وانطلق إلى مصر أمله الأخير، وهدفه القديم، وبذلك بدأت المرحلة الثالثة والأخيرة من حياته.

* المرحلة الثالثة:

وفي مصر بدأ حياته من جديد معتمداً على أصدقائه من الوطنيين المصريين الذين تعرف عليهم في دمشق والآستانة وفي أوروبا (١)، ومعتمداً بوجه خاص على مواهبه وكفاءاته الأدبية والعلمية والدينية العالية.

وليس غريباً أن يظل في مصر مغموراً بعض الوقت، ريثما يتعرف إلى أحوالها ورجالاتها، ويدرك أهلُ الشأن فيها مكانته وقيمته.

ومن هنا كان عليه أن يجد لنفسه عملاً -مهما كان-؛ ليضمن سد حاجاته الضرورية، حتى لا يكون عالة على أحد، وهو من نعرف: شهامة نفس، وعفة لسان وقلب ويد.

وكان العلامة البحاثة أحمد تيمور (٢) أول من قدر في شيخنا علمه وأدبه،


= الوحيد الصريح في ذلك هو تصريح للشيخ أدلى به لجريد "الدعوة"، ونشرته في عدد ٣٠ صفر ١٣٧٢ هـ.
(١) من هؤلاء محب الدين الخطيب الذي هاجر إلى مصر من دمشق. وعن هجرتهما انظر: مجلة "الأزهر" (م ٢٩ ص ٧٤١)، وقد انفرد الخطيب بذكر أن الخضر فكر في العودة لتونس، ثم قرر الهجرة إلى مصر؟!
(٢) راجع ما كتبه تيمور عن الخضر في كتاب "أعلام الفكر الإسلامي"، وما كتبه =