للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاوزوا حدود الإسلام، وطرف اليمين من الجامدين وأتباع الطرق الصوفية الذين ضيقوا حدوده عليهم، وان لم يجاوزوه".

ولم يسكت المستعمرون عن صاحب السعادة، وقد أقضّ مضاجعهم بما ينادي به من استقلال واصلاح، فآذوه وناوؤوه، وحكموا عليه بالإعدام، حتى اضطر إلى الفرار إلى الآستانة واهماً أن مجال الإصلاح بها أوسع وأرحب، ولكنه فوجئ بانهيار آماله حين وجد عاصمة الخلافة الإسلامية مسرحاً للدسائس المغرضة، والمؤامرات الرخيصة، وأن من يجعلون أنفسهم رجال الدين هناك لا يدعون إلى سبيل ربهم بالحكمة والموعظة، بل لا يتناهون عن كل منكر يفعلونه، فهم يحيكون المكائد بالليل، ويفسرون المنامات، ويقرؤون الكف بالنهار، على أنهم يضيقون بكل عالم مصلح يصدع بالحق، وينادي باليقظة والاستبصار، فهاجر الرحالة الصابر إلى دمشق، وحرص على البقاء بها مدرساً للغة العربية في المدرسة السلطانية، ولكن مبادئه تهتف به أن يسهم بنصيبه في البعث الإسلامي، فيكتب ويخطب ويدعو، ثم يسافر إلى ألمانيا، فيلتقي بالأحرار من أنصار الفكرة الإسلامية أمثال: محمد فريد، وعبد العزيز جاويش، وعبد الحميد سعيد، ويعملون جميعاً على استقلال الدول الإسلامية أمداً طويلاً في وطأة الحرب العالمية الأولى، وبين طلقات المدافع وأزيز الطائرات في مسرح جهنمي تشيب له الرؤوس؟

ثم يعود إلى دمشق ثانية، فيواصل التدريس بالدار السلطانية، ويقرأ كتاب "مغني اللبيب"؛ ليكون -فيما بعد - أساساً لمؤلف نحوي بلاغي شامل.

حتى إذا ختمت الحرب، وأسرعت فرنسا باحتلال الشام، رأى نفسه