للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومتى أرى قَوْمي قَدِ اسْتَبَقوا العُلا ... بِسخاء كَفٍّ يكْشِفُ اللأْواءَ (١)

مثلما أحب الشاعر أمته، فلم ينس وطنه الذي ولد فيه، وتربّى في ربوعه، فأشاد به في كل موقف، وتغنّى فيه بكل محفل ومناسبة ذكَّرته به.

ودعا إلى التحرر والاستقلال، والعمل على طرد الباغي الغريب، وحرَّضهم على أن يفعلوا مثلهم مثل إخوانهم في طرابلس الذين يخوضون حرباً ضد الإيطاليين (١٩١١ - ١٩١٢ م)، فقال:

رُدّوا على مَجْدنا الذكْرَ الذي ذَهَبا ... يَكْفي مَضاجِعنَا نومٌ دَهَى حُقُبا (٢)

ولا تعودُ إلى شَعْبٍ مُجادَتُه ... إلا إذا غامَرَتْ هِمّاتُهُ الشُّهُبا (٣)

حَيّاكُمُ الله قَوْمي إنَّ خَيْلَكُمُ ... قَدْ ضُمّرَتْ والسِّباقُ اليومَ قد وَجَبا (٤)

وقد ظلت عين شاعرنا ترقب كل كبيرة وصغيرة في الساحة الدولية، فراعه ما كانت تقوم به قوى الاستعمار من أساليب المكر والخداع، ومنها: خدعة التجنيس التي كان يهدف الاستعمار من ورائها إلى احتواء النخبة، وتخلية الوطن من قواه الحية التي يمكن أن يعقد عليها الأمل. فقال الحسين في قصيدته: (صرخة المغرب):


(١) اللأواء: يقال: لأواء العيش شدته. وفي الحديث الشريف: "من كان له ثلاث بنات، فصبر على لأوائهن، كُنَّ له حجاباً من النار".
(٢) دهاه: أصابه بأمر عظيم. الحُقُب: ثمانون سنة، ويقال أكثر من ذلك.
(٣) مجادته: عزته وشرفه. غامرت: قاتلت، ولم تبال بالموت. هماته: جمع همّة، وهي العزم القوي. الشهب: شعلة من نار ساطعة، أو كل شيء مضيء متولد من نار.
(٤) ضمّرت: ضمَّر الخيل: ربطها وأكثر ماءها وعلفها حتى تسمن، ثم قلَّل ماءها وعلفها مدّة وركّضها في الميدان حتى تهزل. ومدة التضمير عند العرب أربعون يوماً.