للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحنيف، إلا حين استطاع الدخلاء أن يَلْبِسوا الحق بالباطل، فيصِموا الإِسلام بما هو براء منه من الجمود والتزمت والاستسلام، والأخذ بالخرافات والبدع والغيبيات؛ المزعومة مما لم يأت به وحي سماوي، أو هَدْي نبوي.

ولذلك كانت مهمة "السعادة العظمى" شاقة خطيرة؛ إذ أخذت تحارب القوة والمال والنفوذ بعزم واثق، وجهد صابر أمين" (١).

ومن يطالع روائع قلمه، وبخاصة ما كتبه في "رسائل الإصلاح" بأجزائه الثلاثة، يدرك مدى اعتزاز الشيخ الخضر بأمجاد أمته، وافتخاره بتراثها العريق، والشموخ بحضارتها الزاهرة، وكان ذلك أمراً لا بد منه في عصر تتبرج فيه الأفكار والفلسفات؛ لتدل بأفضالها على الناس بحق أو بغير حق، وتُلحق بالشرق كل ضعف ونقيصة، وتنعت الغرب بجميل النعوت، وكمالِ الأوصاف.

وقد جاء في مقدمة كتابه "نقض الشعر الجاهلي" ما يلي: "نهضت الأمم الشرقية فيما سلف نهضة اجتماعية، ابتدأت بطلوع كوكب الإِسلام، واستوثقت حين سارت هدايته سيرها الحثيث، وفتحت عيون هذه الأمم في طريقة الحياة المثلى، سادت هذه النهضة، وكان لها الأثر الأعلى في الأفكار والهمم والآداب.

ومن فروعها: نهضة أدبية لغوية، جعلت تأخذ مظاهرها العلمية لعهد بني أمية، واستوت على سوقها في أيام بني العباس.


(١) محمد رجب البيومي، النهضة الإِسلامية في سير أعلامها المعاصرين، ط ١، دمشق: دار القلم، ١٩٩٥ م، ١/ ٥٥.