للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل المعاني التي يتحملها اللفظ، ويشترط على المفسر "أن يكون عارفاً لعلوم اللغة العربية، وفنون بلاغتها" (١).

والملاحَظ: أن قيمة هذا المنهج برزتْ تاريخياً في الردّ على التيارات الباطنية التي أدَّى بها تأويلُها إلى العبث باللغة العربية، فاندفع الخضر حسين لغوياً بارعاً إلى دحض هذه النزعات الرامية إلى إهدار الدلالة اللغوية التي تقوم عليها معاني القرآن الكريم.

وركّز على المأثور، فأخذ من القرآن الكريم، وأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يساعد على استخراج المعاني، ويقرِّب الدلالة إلى الأفهام، دون إهمال لما تركه الصحابة والتابعون، ولا تغافل عن أسباب النزول. واشترط على المفسر: "أن يتَّجه إلى تمحيص الروايات، ولا يعوِّل إلا على ما صحت روايته" (٢).

وقيمة هذا المنهج تبدو أساساً في الرد على مختلف من زيَّنتْ له نفسه إمكانية النظر إلى القرآن الكريم نظرة مجردة عن كل ما ظهر حوله من نصوص، حتى ولو كانت سنّة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وقد عمل الخضر حسين على إحياء هذا النسق، مؤمناً بأن المأثور هو الأداة الأنجعُ والأسلمُ في العملية التفسيرية.

وبين اللغة والمأثور يظهر الرأي نبراساً يعتمده الخضر حسين؛ ليستخرج ما توحي به اللغة، وما يكشفه المأثور؛ إذ لا يمر بآية إلا استحضر رأيه.


(١) محمد الخضر حسين "بلاغة القرآن" (ص ٢٤).
(٢) محمد الخضر حسين "بلاغة القرآن" (ص ٢٤).