للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه العبارة تحمل في ثناياها براءته من الغيبة، وبُعدَه عن الوقوع في أعراض المسلمين.

وقد كان السلف الصالح - رضوان الله عليهم - قدوةً كريمة في تنزيه ألسنتهم ومجالسهم عن دنس الغيبة، ومن خير المأثور في ذلك: قول الحسن البصري في الرد على من يسألونه عن الخلاف بين الصحابة زمن عثمان وعلي: "تلك دماء طهّر الله منها سيوفنا، أفلا نطهر منها ألسنتنا؟! ".

وما زال في علماء المسلمين على تتابع من يقتدي بهذه السنّة، فقد رأيت العالم الجليل الشيخ بدر الدين الحسني يأخذ نفسه وجلساءه بتحرج شديد من أي كلمة فيها مساس بأحد من الناس، حتى في مذاكرة العلم ومسالك المؤلفين.

وكان أستاذنا الشيخ عمر بن الشيخ يقتصر في الدرس على بيان خطأ المؤلفين، ويبين الحق في المسألة.

فما أجدر هذا النهج بالاتباع! وما أحوج المغتابين بالإقلاع عن هذه الرذيلة التي يحسبونها هينة، وهي عند الله عظيمة! وما أولاهم بالإسراع إلى التوية النصوح التي تمحو عنهم وزرها، وتكفهم عن الخوض في سير الناس وأعراضهم! ومما ينبغي أن يحفزهم إلى التوبة، ويشعرهم بما عليهم من تبعة: أن من الفقهاء من يشترط لقبول التوبة: أن يعفو من أصابته الغيبة، وفي ذلك حرج للمغتابين.

* * *