للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أنه أصل غير مقلوب من جذب، ويؤكد أن أيست مقلوبة من يئست صحة عينها، ولو لم تكن مقلوبة لوجب اعلالها)).

ثالثها: أنه في تفسير الأسماء يعتمد على المنطق كثيرًا، والاعتماد على المنطق في تعليل الأشياء من أظهر صفات مدرسة القياس التي سبق أن أشرنا إلى أن ابن جني هو أحد دعاماتها، ولقد لاحظنا ذلك كثيرًا عنده في المبهج، ومن ذلك ما جاء عنه في اسم ((أبي بن سلمى)) أحد شعراء الحماسة. قال: ((يجوز أن يكون تصغير إباء مصدر أبيت إباء)) ثم استدرك فقال: ولست أقول أن المصدر يحقر لكنه كأن انسانًا سمي إباء كما يسمى مضاء ثم حقر ذلك الاسم لتحقير المسمى ثم رجع إلى تعليل عدم تحقير المصادر فقال: ((فأن قيل فهلا جاز تحقير المصدر نفسه قيل لم يجز ذلك لا نتقاض المعنى به، وذلك أن المصدر اسم لجنس فعله والجنس أبدًا غاية الغايات ونهاية النهايات في معناه، وما كانت هذه صورته في الشياع والانتشار فما أبعده عن التحقير وهو الغاية في الكثرة والعموم، ولذلك لم تثن عندنا المصادر ولم تكسر إلا أن توقع على الأنواع المختلفة، وامتناع المصادر من ذلك كامتناع الأفعال)).

مثل هذا الجدل المنطقي الذي تلحظه هنا يمكن أن تلحظه كذلك في تعليله دخول اللام على ((الحمير)) في اسم توبة بن الحمير الشاعر قال: ((دخول اللام على الحمير علمًا أمثل منه في دخوله على الثعلب))، وذلك أ، التحقير ضرب من الوصف يلحق الكلمة، ولذلك لم يجز دخول التحقير في الأفعال من حيث كانت الأفعال لا توصف ... وإذا ثبت أن التحقير ضرب من الوصف في المعنى كان لحاق اللام في الحمير نحوًا من لحاقها في الصغير فتكون اللام فيه مع تعريفه مثلها في الوليد ونحوه وليس كذلك الثعلب لأنه لا تحقير فيه فيضارع به الصفة وإنما باب لحاق اللام في العلم الوصف نخو الحارث والعباس، ولولا ما في الثعلب من معنى المكر والخبث لما لحقته اللام وهو علم)).

<<  <   >  >>