للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

انتقال بعض الكلمات من إحدى اللغتين إلى الأخرى، إن لم تكونا معاً من أصل واحد، وإن لم تكن العبرية فرعاً محرفاً من اللغة العربية. ولسنا نرضى أن نجزم فى هذا بشئ، ولكنا ندل على تمحل هؤلاء الناس وتحكمهم فى النظريات بغير دليل ولا برهان.

(٢) وقد ادعى الكاتب أن كلمة "أمة" التى وردت فى آيات القرآن لا يمكن تحديد معناها بالتدقيق، وهذا مما يعذر فيه، فإنه يبحث فى لغة غير لغته، ولن يصل إلى تحقيق ألفاظها ومعانيها، وإلا فأصل معنى الكلمة محدود، واختلاف المراد بها فى الآيات مرجعه إلى القرائن الدالة على المعنى الذى هو داخل فى المعنى الأصلى للكلمة، وهناك مثالا لذلك قول الإمام الراغب الأصفهانى فى المفردات ص ٢١: "الأمة: كل جماعة يجمعهم أمر ما: إما دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان واحد سواء أكان دلك الأمر الجامع تسخيراً أم اختياراً، وجمعها أمم. وقوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} أى كل نوع منها على طريقة قد سخرها الله عليها بالطبع، فهى من بين ناسجة كالعنكبوت، وبانية كالسرفة، ومدخرة كالنمل، ومعتمدة على قوت وقته كالعصفور والحمام، إلى غير ذلك من الطبائع التى تخصص بها كل نوع. وقوله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} أى صنفاً واحداً وعلى طريقة واحدة فى الضلال والكفر- ثم قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ} أى قائماً مقام جماعة فى عبادة الله، نحو قولهم: فلان فى نفسه قبيلة، وروى أنه يحشر زيد ابن عمرو بن نفيل أمة واحدة.

قد يستغرب القارئ نقل نص أقوال الراغب، إد أنها تقارب فى الجملة ما نقله الكاتب هنا من معانى الكلمة وهذا صحيح، ولكنى إنما نقلته لأدل على الفرق بين اللونين من التعبير: الراغب رجل عالم مسلم كبير، فهو يكتب كتابة علمية مبنية على المعروف له من لغة