للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإسلامية الناشئة شعوب وأجناس لم يكونوا كالفلاحين الآراميين أو القبط الذين قُضى عليهم أن يتعربوا دون مقاومة، أو يظلوا أقلية دينية لا روح لها، بل دخلت فى الإسلام أمم كالبربر والترك، وهى أمم حربية قوية البأس، شديدة التمسك بقوميتها، رضيت بقبول الإسلام ديناً. ولكنها لم تقبل العربية قومية لها. ويرجع الفضل فى معظم النجاح الذى أحرزه الإسلام فيما بعد إلى هاتين الأمتين اللتين تقع إحداهما على الطرف الشرقى من الإمبراطورية العربية، والأخرى على طرفها الغربى. واليهما أيضًا يرجع إحداث تغيير جوهرى فى المدنية الإسلامية.

وقد شهد الوليد فى خلافته ثمرة الجهود الطويلة التى بذلها عبد الملك وظلت شخصية الحجاج القوية تتعهدها. وانتصر المسلمون انتصارات عظيمة على يد مسلمة بن عبد الملك القائد الأموى الذى حاصر القسطنطينية، وموسى بن نصير فاتح الأندلس، وقتيبة بن مسلم.

ويدل الجامع الأموى بدمشق وغيره من العمائر الكثيرة العظيمة على مبلغ قوة الأمويين، ولكن مسألة وراثة الملك فتحت باب الأزمة من جديد، وتغلب فى هذه المرة المبدأ "العربى" فأسندت الخلافة إلى سليمان بن عبد الملك دون ابن الوليد، واستمر الكفاح بين الخليفة الذى أراد أن يجعل الحكم فى أبنائه وبين إخوته الذين أرادوا أن يجعلوه قائماً إلى آخر أيام بنى أمية، وكان من أثر ذلك أن انحطت مكانة الأسرة. ثم إن نتائج الإسراف الذى حصل فى عهد عبد الملك وابنه الوليد بدأت تشتد وطأتها على خلفائهم. وظهرت الأزمة الاقتصادية كما ظهرت مشكلة الموالى الذين دخلوا فى الإسلام. ثم جاء عمر ابن عبد العزيز، وأهل السنة يعتبرونه ممن أعز الله بهم الإسلام ويستثنونه من اللعنة التى ألحقوها بكل خلفاء بنى أمية. وأحسَّ عمر أنه لابد من سياسة تعتمد على إدماج العناصر المختلفة لتجنب نكبة خطيرة يكون فيها القضاء على مستقبل الإسلام وعلى مستقبل البيت الأموى. والأثر العميق الذى تركه عهد عمر فى تاريخ الإسلام -رغم أن مدة حكمه لم تزد على عامين- يدل على أن هذا الخليفة كان ذا صفات