للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جهود في خدمة نور الدين. ويمكن القول إن نجم الأسرة أخذ في الصعود عندما اختاره نور الدين -رغم إرادته- لقيادة الجيش الموجه إلى مصر استجابة لما طلبه الوزير شاور من التدخل في أمورها ضد خصومة. وانتهى القتال المرير الذي دام عدة سنوات، باغتيال شاور والمناداة بشيركوه خلفا له في الوزارة. صحيح أن شيركوه مات بعد أسابيع سنة ٥٦٤ هـ (١١٦٩ م)، بيد أن ابن أخيه صلاح الدين كان إلى جانبه وسرعان ما وفق إلى حمل جيوش الاحتلال على الاعتراف به خلفا لشيركوه.

ويعد صلاح الدين (المعروف في أوروبا باسم Saladin) المؤسس الحقيقي للدولة، ويمكن تقسيم تاريخها إلى ثلاثة عهود: عهد صلاح الدين نفسه وفيه اتخذت الدولة صورتها النهائية، وهذا العهد يحمل طابع شخصيته، وهي تعد أقوى شخصية في الأسرة، وان كانت السياسة التي انتهجها خلفاؤه قد تعارضت مع سياسته من عدة وجوه وعهد خلفائه الأوائل، وهو عهد اتسم بالتنظيم، واستمر حتى وفاة الملك الكامل سنة ٦٣٥ هـ (١٢٣٨ م)؛ وأخيرا عهد الانحلال الذي استمر أمدا طويلًا. ومن المفيد أن نعرض لدراسة عدة مشكلات اقترن بها التنظيم الداخلى في العهد الثاني، وهي مشكلات شائعة في تاريخ النظام بأسره.

١ - ليس من اليسير أن نعرض هنا تاريخًا مفصلًا لحكم صلاح الدين، وسوف نتناول هذا الموضوع في المادة الخاصة به، وحسبنا أن نحاول هنا الكشف عن المعالم التي لا بد منها لمعرفة العهد التالي، وهي معالم لا بد أن نضعها نصب أعيننا عند الحديث عن الأيوبيين.

وعلى الرغم من تقلد شيركوه وصلاح الدين السلطة في مصر مع اتباع جل المراسم التي كانت مرعية عند تقليد أسلافهم من وزراء النظام الفاطمى، وذلك بمقتضى براءة تصدر من الخليفة العاضد، فإنهما كانا يمثلان تقاليد الجهاد المأثورة عن السلاجقة وهي تقاليد كانت شائعة على تفاوت في ذلك بين جميع الأمراء والأتراك في آسية الإسلامية إبان ذلك العهد، وكانت تتمثل بصفة خاصة في نور الدين، ورأى صلاح الدين ٥٦٦ هـ