للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من قبيلة من كندة: وكان جدهما خالد - المعروف بخلدون (ومن هنا جاء اسم "ابن خلدون" الذي عرف به أفراد هذه الأسرة جميعًا) - أول من هاجر من اليمن إلى الأندلس في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادى).

ولقد تقلب أحفاده في مختلف المناصب الإدارية الهامة بالأندلس، بعضهم في قرمونة، وبعضهم في إشبيلية. ولما سقطت دولة الموحدين بالأندلس وأخذ النصارى يمضون في غزو تلك الباود، هاجر أفراد هذه الأسرة إلى سبتة، واستقر الحسن أبو جد الأخوين عبد الرحمن ويحيى في بلدة بونة، وكان قد استدعاه أبو زكريا الحفصى. وقد غمر أمراء الدولة الحفصية ورؤساؤها الحسن وابنه أبا بكر محمدا بفضلهم. وكان الحسن يلقب بعامل الأشغال، وقد توفي بالسجن مشنوقا، وتمكن ابنه محمد من الارتقاء أيضًا إلى عدة مناصب هامة في بلاط الحفصيين. إلا أن ابن محمد هذا، وكان يسمى محمدا أيضًا، زهد في المنصب فبقى في تونس وانصرف بكليته إلى الدرس والتعبد، وتوفى بالطاعون عام ٧٥٠ هـ (١٣٤٩ م) عن ثلاثة ذكور أكبرهم محمد، ولم يكن له أي شأن في السياسة والأدب. أما أخواه فقد اشتهرا بالسياسة والأدب، وهما موضوع مادتنا هذه:

١ - عبد الرحمن (أبو زيد) ويلقب بولى الدين، ولد بتونس في أول رمضان عام ٧٣٢ هـ (٢٧ مايو ١٣٣٢). وتوفى بالقاهرة في الخامس والعشرين من رمضان عام ٨٠٨ هـ (١٩ مارس ١٤٠٦). وبعد أن حفظ القرآن قرأ على والده وعلى أكابر علماء تونس، ودرس في شغف النحو واللغة والفقه والحديث، وكذلك الشعر. ولما احتل أبو الحسن المرينى عام ٧٤٨ هـ (١٣٤٧ م) تونس، حضر عبد الرحمن على العلماء المغاربة الذين قدموا مع هذا الأمير. وأتم دروسه في المنطق والفلسفة والتوحيد والشريعة وغير ذلك من العلوم العربية، ولقد ساعدته الصلات التي وثقها منذ ذلك العهد بالعلماء والرجال المبرزين في البلاط المرينى على أن يشغل فيما بعد المناصب