للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢ - المغرب الإسلامي

إن أول بيمارستان في شمالي إفريقية لدينا عنه شاهد قد اقيم في مراكش على يد السلطان يعقوب المنصور الموحدى (٥٨٠ - ٥٩٥ هـ = ١١٨٤ - ١١٩٩ م) قبل مائة سنة تقريبا من تأسيس بيمارستان القاهرة المشهر. وكان هذا السلطان من مشجعى العمارة الكبار، وقد اجتذب إلى بلاطه أشهر أطباء الأندلس في زمانه وهم ابن الطفيل وابن شد وابن رشد الحفيد وابنه، ثم أقام في قصبة ملكه للغرباء أغنياء وفقراء بيمارستانا فخما نجد صفا له في عبد الواحد المراكشى (انظر المعجب، طبعة محمد الفاسى، سنة ١٩٣٨، ص ١٧٦ - ١٧٧). وأنشأ السلطان نفسه أيضًا، في أجزاء مختلفة من إمبراطوريته، بيمارستانا للمجانين، وللمجذوبين وللعميان (القرطاس، طبعة فاس سنة ١٣٠٥ هـ، ص ١٥٤، ترجمة Beaumier ص ٣٠٦).

وقد حافظ السلاطين المرينيون الكبار: أبو يوسف يعقوب وأبو الحسن وأبو عنان، على هذه المؤسسات وأضافوا إليها غيرها (انظر القرطاس، طبعة فاس، سنة ١٣٠٥ هـ ص ٢١٤؛ الذخيرة السنية، طبعة ابن شنب، ص ١٠٠، ابن مرزوق: المسند، طبعة ليفى بروفنسال في Hesperis، جـ ٥، سنة ١٩٢٥، ص ٣٦؛ ابن بطوطة: الرحلة، طبعة دفرمرى وسانكوينتى جـ ٤، ص ٣٤٧). وفي تاريخ متأخر عن ذلك استأثر السلاطين الحاكمون بالموارد المخصصة لهذه البيمارستانات فأهملت ودرست.

وفي أوائل القرن العاشر الهجرى (السادس عشر الميلادي) وصف الحسن بن محمد الوزان الزياتى (ليوأفريقانوس) بيمارستانا في فاس فقال إنه في حالة اضمحلال كاهل، وكان يستخدم أصلا سجنًا للمجانين الخطرين ولا تزال هذه هي مهمته، كما أنه استخدم أيضًا سجنا للنساء (Description de I'Afrique: Leo Africanus، ترجمة Schefer، جـ ٢، ص ٧٨، ترجمة Epaulard, جـ ١، ص ١٨٨، Le Tourneau فاس، ص ٢٥٥ - ٢٥٧).

والظاهر أن البيمارستان الموحدى المشهور في مراكش قد درس دون أن