للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحت يده. ولكنه لم يكن مع ذلك بمنجاة من المطاعن العنيفة التي كالها له العلماء المحافظون على التقاليد متهمين إياه بالتزوير وكذب الرواية.

٢ - صدر الإسلام

إذا إستثنينا ما استعان به هشام الكلبى من المواد الخاصة بالحيرة فإن بداية تأليف التاريخ العلمي باللغة العربية تربط بالبحث في حياة النبي وأعماله، وهو ما يستتبع رجوع أهل هذا التنظيم إلى مجموعة الأحاديث النبوية وبخاصة الأحاديث المتصلة بغزوات النبي (ومن ثم اصطاوح "المغازي" أو الغزوات الذي أطلق على المصنفات الأولى التي ألفت في السير). وكانت المدينة المنورة موطن هذه الدراسة ومهدها، ولم يختص احد بالتأليف في المغازي قبل القرن الثاني للهجرة في مواطن أخرى غير المدينة. وذاك الارتباط بالأحاديث الذي ترك أثرًا لا يمحى في أسلوب التأليف التاريخي بالاعتماد على الإسناد يفسر التغيير البالغ الذي ظهر منذ ذلك الحين في الصفات المميزة لرواية حوادث التاريخ وتمحيصها عند العرب.

وإنا لنشعر أول وهلة انا نستند إلى أساس علمي في الأثر الذي تناول العهد المكي والعهد المدني في حياة الرسول [- صلى الله عليه وسلم -].

وقد أدى الجيل الثاني من المسلمين إلى هذا التقدم ما هو أعلق بالمصادر والمراجع منه بمجموعات سبق تكوينها. ومع هذا فإن اثنين منهم وهما أبّان بن عثمان وعروة بن الزبير ورد ذكرهما على اعتبار أنهما مصنفان في المغازي، ولكن مصنفاتهما لم تذكر قط على لسان المصنفين الذين جاءوا بعدهما. وفي الجيل التالي اشتهر بعض المحدثين بمجموعتهم الشاملة لأحاديث المغازي وبخاصة محمد بن مسلم بن شهاب الزهري الذي دوَّن بالكتابة مواد الحديث نزولا على أمر الخليفة عمر بن عبد العزيز أو الخليفة هشام بن عبد الملك، وقد أودعت هذه المواد خزانة الدولة التي حل بها العفاء فيما بعد.

ويعزى إليه الفضل في أنه كان أول من قارن بين الأحاديث المختلفة المصادر لادماجها في حديث واحد وهذه خطوة إلى الإمام في العرض التأريخى.