للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صنف من صنوف الأدب الشعبي يمت بصلة إلى مصنفات وهب بن منبه. وبهذا الاتجاه الجديد الذي نهجته السيرة والذي اتجه إليه كذلك جميع المتأخرين من مؤرخى السيرة النبوية يتضح لنا جليًا أن نصيبه من الأسلوب التاريخي قد أشرف على النهاية.

٣ - تاريخ الخلافة:

أتينا في الفصلين السابقين على وصف لبداية تدوين الحوادث التي أعقبت وفاة النبي في وسائل متفرقة. ومما يجدر ذكره أن هذا النشاط كان مقصورًا على العراق، فلم تعز آية رسالة من هذا القبيل إلى عالم ما من علماء الشام أو بلاد العرب أو مصر خلال القرنين الأولين للهجرة، ومن ثم تبوأ العراق ورواية حوادثه المحل الأول بين المؤلفات التاريخية التي وصفت فيما بعد. بيد أن المأثور من حديث المدينة قد أمدنا أيضًا، فيما بعد. فيما يتعلق بالخلفاء الراشدين، بمادة أفادت بعض المؤلفين (كالواقدى) من ناحية اتصالها بأهل الحديث المدنيين (نسبة إلى المدينة). وما برح في مجال الشك وجود وثائق مخطوطة في المدينة كانت في ذلك العهد من المراجع التي يرجع إليها، ومع هذا فإن الدقة التي تتسم بها الأخبار التاريخية الواردة في الحديث المدني تدعو إلى الاعتقاد بوجود مواد من هذا القبيل فيها. وقد توافرت الدلائل على وجود وثائق في العصر الأموى بدمشق والعراق معًا (انظر بخاصة. كرومان Allgemeine Einfuehrung in die arabischen papyri، فينا سنة ١٩٢٤، (ص ٢٧ - ٣٠) ولذا كان محتملًا أن يكون المصنفوق المتأخرون قد اعتمدوا على مواد من هذا القبيل في ترتيب مجموعة دقيقة للحوادث بحسب تسلسل الزمن ترتيبًا تناول ذكر أسماء الولاة والحكام وأمراء الحج وما جرى هذا المجرى عامًا فعامًا.

ولاستيفاء مثل هذا البيان الجامع لجأ المؤلفون إلى هواد روعى في جمعها التوفيق بين مناهج الرواة وفقهاء اللغة. وقد كانت المنزلة الأولى بين للك المواد للروايات الخاصة بالقبائل العربية في العراق، وطائفة منها هي الروايات الخاصة بقبائل آزد التي جمعها هي وروايات أخرى أبو مخنف المتوفى سنة ١٥٧ هـ (٧٧٤ م) وقد تولى نقلها هشام