للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أن الترجمانى " Torcimani" كانوا طائفة من العمال لا غنى عنهم في الهيئات التجارية المعروفة باسم "دور المكوس" في الثغور التي تصل إليها التجارة الأجنبية، ويمكن الرجوع إلى كتاب ده ماس لاترى (المقدمة، ص ١٨٩ وما بعدها) فيما يختص بالصيغ اللاتينية والأوربية لكلمة ترجمانى Torcimani. وكانت الصفقات التجارية جميعًا لا تكاد تتم إلا بوساطة هؤلاء التراجمة الذين كانوا يؤلفون غالبًا نوعًا من النظام الطبقى، وكانت أقوالهم حجة في كل مكان. وكانت تجبى مكوس خاصة على البضائع التي يتم تبادلها عن طريقهم. وكانت السلطة المحلية تنتخب هؤلاء التراجمة بادئ الأمر، وهم إما مسلمون وإما نصارى أو يهود. وكان يوكل أمر كل تجارة أجنبية إلى واحد منهم في بعض الجهات، وكان لا يستغنى عن وجود بعض هؤلاء التراجمة عند إبرام المعاهدات، أو عند تفسيرها إذا لزم الأمر، وذلك عندما يكون نصها غامضًا، وفي هذه الحالات كان يثبت بصفة خاصة اسم المترجم في نص المعاهدة. ويتضح أيضًا من هذه المعاهدات أن بعض المترجمين كانوا على اتصال وثيق بحاكم المنطقة التي هم فيها، وورد ذكر تراجمة بلاد الشام في المصادر الفرنسية عن الصليبيين.

وظل قدر التراجمة وعملهم في أيام الدولة العثمانية على ما كان عليه في القرون السابقة. وكثرت الصلات التجارية والسياسية وعظم شأنها فاشتدت الحاجة إلى المترجمين القادرين الذين يعتمد عليهم، ومن ثم كثر ذكرهم في المصادر التاريخية، والاسم الشائع لهؤلاء المترجمين في المصادر الأوربية هو دوركمان Drogman أو دراكومان Dragoman. وظل كذلك الاسم الفرنسى "تريشمان" Truchement مستعملا مدة طويلة. وكان التراجمة في جميع الدواوين التركية بكثير من الثغور، كما كانوا في قنصليات الدول الأجنبية في هذه الثغور. وكان التراجمة في العاصمة أعظم شأنًا. واستخدمت دور السفارات الأجنبية كثيرًا من هؤلاء التراجمة.

وكان منصب ترجمان الحكومة التركية أهم هذه المناصب جميعًا، ومن