للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحاول أن يبرئ الصوفية من انتحال اسم مبتدع لم يعرفه الصحابة ولا التابعون.

ويقول ابن تيمية في رسالته "الصوفية والفقراء":

"أما لفظ الصوفية فإنه لم يكن مشهورًا في القرون الثلاثة وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك. وقد نقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ كالإمام أحمد بن حنبل (١) وأبي سليمان الدارانى (٢) وغيرهما. وقد روى عن سفيان الثوري أنه تكلم به، وبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصري".

أما الأستاذ ماسينيون Louis Mas- signon فيقول في كتابه:

Recueil de textes inedits concernatc l Histoire de Mystique en pays d'Islam المطبوع سنة ١٩٢٩ بباريس، عند كلامه على عَبْدَك الصوفى المتوفى حوالي سنة ١٢٠ هـ الموافق ٨٢٥ م: "صاحب عزلة بغدادى، وهو أول من لقب بالصوفى، وكان هذا اللفظ يومئذ يدل على بعض زهاد الشيعة بالكوفة، وعلى رهط من الثائرين بالإسكندرية. وقد يعد من الزنادقة بسبب امتناعه عن أكل اللحم"، ويريد الأستاذ أول من لقب بالصوفى في بغداد كما يؤخذ مما نقله في نفس الكتاب عن الهمذانى، ونصه:

"ولم يكن السالكون لطريق الله في الأعصار السالفة والقرون الأولى يعرفون باسم المتصوفة، وإنما الصوفى لفظ اشتهر في القرن الثالث، وأول من سمى ببغداد بهذا الاسم عبدك الصوفى، وهو من كبار المشايخ وقدمائهم، وكان قبل بشر بن الحارث الحافى والسرى بن المفلس السقطى".

ويقول ماسينيون في المادة التي نحن بصددها ماخلاصته:

"وورد لفظ الصوفى" لقبًا مفردًا لأول مرة في التاريخ في النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي إذ نعت به جابر بن حيان، وهو صاحب كيمياء شيعى من أهل الكوفة له في الزهد مذهب خاص، وأبو هشام الكوفي


(١) المتوفى سنة ٢٤١ هـ (٨٥٥ م).
(٢) عبد الرحمن بن أحمد بن عطية الزاهد المتوفى سنة ٢١٥ هـ (٨٣٠ م).