للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

استبقاه ابنه وخليفته المعتمد فى منصبه، واستعان به على غزو قرطبة التى أصبحت بعد عاصمة ملكه.

بيد أن شهرة ابن زيدون أثارت عليه حسد الكثيرين من رجال البلاط وعلى رأسهم الشاعر ابن عمار صفى المعتمد؛ ولما ثار الناس على اليهود فى إشبيلية، انتهز المتآمرون هذه الفرصة وعملوا على إرسال ابن زيدون إلى تلك المدينة لإعادة الأمن إلى نصابه؛ فخرج الشاعر مشيعا بحسرة أهل قرطبة الذين كانوا يفخرون بانتسابه إلى مدينتهم، ولحقت به أسرته بعد ذلك مباشرة، ولكن الحمى انتابت ابن زيدون، وكان قد طعن فى السن، فعجلت بموته فى الخامس عشر من رجب عام ٤٦٣ هـ (١٧ - ١٨ أبريل ١٠٧١) ودفن فى إشبيلية. ولما بلغ خبر وفاته مدينة قرطبة عم الحزن أهلها جميعا وشملهم الحداد.

ولم يكن ابن زيدون شاعرا فحلا فحسب بل كان أيضا من المبرزين فى فن الترسل، وإلى ذلك ترجع شهرته فى تاريخ الأدب العربى بنوع خاص.

ولم تطبع رسائله كلها، وأهم ما عرف منها:

(١) رسالته إلى ابن عبدوس، وهى مفيدة من الوجهة اللغوية، ذلك لأنها حافلة بإشارات ووقائع لا نستطيع معرفتها إلا عن طريقها، وعن طريق الشرح الذى كتبه ابن نُبَاتَة المتوفى عام ٧٦٨ هـ (١٣٦٤ م) بعنوان "سرح العيون فى شرح رسالة ابن زيدون" (بولاق سنة ١٢٧٨ هـ، الإسكندرية سنة ١٢٩٠ هـ، القاهرة سنة ١٣٠٥ هـ). وقد نشر ريسكه هذه الرسالة مع ترجمة لاتينية، لييسك سنة ١٧٥٥ م.

(٢) رسالته التى لا تقل أهمية عن السابقة، كتبها لابن جَهْوَر ونشرها بستورن Besthorn مع ترجمة لاتينية، كوينهاغن سنة ١٨٨٩ م.

وأورد مقتطفات من شعر ابن زيدون كل من فيجرز Weijers (Orientalia، المجلد ١، ص ٣٨٤ وما بعدها، ليدن سنة ١٨٣١) وده ساسى de Sacy (المجلة الأسيوية جـ ١٢، ص ٥٠٨ وما بعدها) والمقرى