للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا نجد غير قليل من النقد التفصيلى لرواة التفسير النقلى؛ كما نجد النقد الإجمالى لهذه المرويات فالإمام أحمد بن حنبل، له الكلمة المعروفة: "ثلاثة ليس لها أصل: التفسير والملاحم والمغازى" أي ليس لها إسناد لأن الغالب عليها المراسيل (١). ويقول ابن تيمية بعد ذكر وضع الحديث والأدلة القاطعة على كذبة: "وفي التفسير من هذه الموضوعات قطعة كبيرة كما يقول "والموضوعات في كتب التفسير كثيرة (٢) ..

وهكذا لم يعتمد النقل التفسيرى على أساس من الثقة الوطيدة، كما سمعت من النقاد الأقدمين منذ الدهر الأول. فإذا تساءل النقاد المحدثون عن قيمة الأحاديث الواردة في هذه الكتب الجامعة، ولم يصلوا بعد إلى رأى يعززها كثيرًا كما يقول كارا دى فو، فإن هؤلاء النقاد المحدثين لم يجيئوا بجديد في هذا على ما ترى، إذ أن الاتهام قديم ...

وقد كان من وراء ذلك أن تأثرت تلك المنقولات بكل ما في البيئة الإسلامية من متنافل القصص المديني، محمولا إليها من مختلف الأنحاء؛ فقد كان اليهود في ماضيهم الطويل قد شرقوا راحلين من مصر ومعهم من آثار حياتهم فيها مامعهم، ثم أبعدوا مشرقين إلى بابل في أسرهم. ثم عادوا إلى موطنهم وقد حملوا من أقصى المشرق في بابل، وبعيد المغرب في مصر ماحملوا؛ وجاء البيئة العربية الإسلامية من كل هذا المزيج ما جاء إلى جانب ما بعثت إليها الديانات الأخرى التي دخلت تلك الجزيرة، وألقت إلى أهلها ما ألقت من خبر أو قصص دينى، وكل أولئك قد ترد. على آذان قارئى القرآن ومتفهميه، قبلما خرجوا إلى ما حول جزيرتهم شرقًا وغربًا فاتحين، ثم ملأ آذانهم حين خالطوا أصحاب تلك البلاد التي نزلوها وعاشوا بها وإن كان الَّذي اشتهر من ذلك هو اليهودى، لكثرة أهله، وظهور أمرهم فدعيت تلك التزيدات التي اتصلت بمرويات التفسير النقلى باسم "الإسرائيليات.


(١) ابن تيمية - مقدمة في أصول التفسير، ص ١٤، دمشق.
(٢) المصدر السابق ص ١٩.