للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السامقة (ترتفع إلى ١٤٠٠ متر أو ١٦٠٠ متر) على غور وادي العربة وهو الامتداد الجنوبي لشرق الأردن. وتمتد هذه السلسلة الجبلية الهامة بعد ذلك ماثلة في جبال الشراة التي كثيرًا ما تلتبس بها، ومن ثم فهي تقابل الحد المصدوع لصحراء الفيافى في إقليم ترتفع فيه هضبة شرقي الأردن ارتفاعًا محسوسًا. على أن تضاريسها الملتوية التي تجعلها تكاد تبدو كالسور تلونه أحجار الجرانيت والأحجار السماقية في شرقي فلسطين، تبدأ مع ذلك بحزوز عميقة تمضى إلى حوض البحر الميت الذي يتلقى معظم مياهه من جداولها، وظل أمد، طويلًا يموّن تجارة طرقها بالقار. لقد كان هذا الإقليم في جميع الأحوال إقليم مواصلات، اتضحت أهميته الحربية أيام الدفاع عن الثغور الرومانية من غارات البدو، وأيام النضال الذي نشب بين فرنجة فلسطين (قلعة مونتريال أو الشوبك التي بناها بولدوين الأول سنة ١١١٥ م) وإمارتى مصر والشام المسلمتين. ومع ذلك فقد كان أيضًا إقليما مزروعا حتى القرون الأولى للإسلام، تسمح ينابيعه الوافرة بعض الوفرة بقيام مراكز صغيرة لسكان من الحضر، ولا يزال هذا متحققا في الأطلال العديدة وإن كانت هذه الأطلال لم تدرس إلا قليلًا.

وفي العصر الهلينى شهدت هذه الأرض، القائمة في شرقي إيدوم ويفصلها عن أرض موآب الحد التقليدى حد وادي الحسا الذي ذكرناه آنفًا، نمو سلطان النبطيين الذي يحدد بلا شك أول فترة نفذ فيها العرب إلى تخوم فلسطين. ونحن نعلم أن بعض مواقع الجبال -مثل بُصْرَى وهي مبْصَر القديمة، التي تطابق القرية الحَالية "بُصَيرَة" إلى الجنوب من الطفيلة- تعد من أماكن مملكة القوافل بأواسط جزيرة العرب. وأصبحت هذه الأرض - من بعد- جزء، من ولاية جزيرة العرب، وهي الثغور التي أحلها ترايان سنة ١٠٦ محل المملكة النبطية التي كانت انئذ -بلاشك- قد فقدت بالتدريج احتكارها للثروة الحادثة أصلًا من التجارة وآلت هذه الثروة لتدمر. وحدثت سنة ٢٩٥ تغيرات إدارية جعلت