للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا شرح (مع استثناء الصفحات السبع للتمهيد) لم تلق بالا إلى هذه الصعوبات، وكان نيكل Nykl أول من عالج هذه الصعوبات وحاز فى ذلك نجاحا عظيما. فقد قام باخراج النص العربى للديوان إخراجا متقنا بالحروف اللاتينية، كما ترجم ثلث (٥٠) القطع ترجمة كاملة إلى الأسبانية وقدم ملخصات مختصرة لمحتويات الفقرات التسع والتسعين الأخرى.

إن أهم ظاهرة تسترعى الانتباه فى موضوع هذه الأغانى هى المزاوجة المستمرة تقريبا بين غرضين على الأقل من أغراض الشعر، مثال ذلك أن كثيرا من الأشعار تستهل بالغراميات المعروفة بالتغزل، وهى قريبة الشبه جدا بالنسيب المأثور فى القصيدة العربية القديمة، ثم تنتقل منه إلى الغرض الأصلى وهو مدح الشخصيات المختلفة. ويبلغ عدد قصائد مديح مائة قصيدة تقريبا (أى ثلثى الديوان كله) انصرف ربعها بالتمام إلى مديح الوشكى وابن حمدين صاحب الفضل والجود عليه. وفى هذه الأشعار بطبيعة الحال أيضا فقرات يمدح الشاعر فيها نفسه (مثل رقم ١٥) وهى تجرى على منوال القصائد العربية القديمة، بيد أن أزجاله بالذات (أرقام ٦١، ٦٥، ٧١، ١٣٤) تخرج عن كل المقاييس. ومما يسترعى الانتباه خاصة فى مدحه لأصحاب الجود عليه أنه جرى على الإشادة بكرمهم فى أسلوب عاطفى وبلهجة تكشف عن حب جنسى لاحد له. ولما كانت هذه الصورة الخاصة بالاعتراف بجميل فرد من أفراد الطبقة العليا مرعية أيضا فى جنوبى فرنسا وقتذاك فان هل Hell (انظر المصادر) يرى أن هذه هى الحقيقة الجوهرية فى كل بحث آخر يرمى إلى معرفة الصلة بين الشرق والغرب.

وأشعار الحب بمعناها الصحيح -أو على الأقل ما كان الحب هو الباعث الغالب فيها- قليلة نسبيا عند ابن قزمان (٣٠ قطعة) وقد وجه ثلثها إلى نساء والباقى إلى ذكور. وهذه الأشعار بعيدة كل البعد عن تمجيد الحب المثالى، ففى قطعة منها يفضل الحب الفاسق على حب جميل وعروة ابن حزام،