للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

استقينا من هذا البحث الجزء الأكبر من المعلومات المذكورة آنفا.

وليس من أغراض هذا المقال أن نصف على الإجمال كيف تسربت المناهج والمعارف الجغرافية الغربية إلى المؤلفات الحديثة للشعوب الإسلامية، ومع ذلك فلا يدل انتقال الآراء الغربية إلى المسلمين على أن وجهات النظر الجغرافية حتى ما كان منها خاصًّا بالطبقات المثقفة من المجتمع الإسلامي قد تغيرت تغيرًا مفاجئًا جوهريًا منذ القرن السابع عشر، فهناك شواهد كثيرة تدل على انتعاش قوى للآراء القديمة المألوفة في عهود متأخرة، ففي عام ١٧٧٠ كان وزراء الترك لا يعتقدون أن في استطاعة الأسطول الروسى الإبحار من البلطيق إلى البحر الأبيض المتوسط، فلما ظهر بالفعل في ذلك العام أسطول أمير البحر سييرتوف Spiritow في بحر إيجه احتج الباب العالى لدى المندوب البندقى لأن حكومته سمحت لهذا الأسطول بالمرور من البلطيق إلى البحر الإدرياوى (انظر، Geschichtschreiber: Von Hammer der Osmanen und ihre Werke جـ ٤، ص ٦٠٢). وواضح أن هذا من آثار معتقدات القرون الوسطى التي تقول بوجود خليج بين هذين البحرين، ونجد إلى ذلك في كتاب وصف مراكش للزياتى المتوفى عام ١٨٣٣ مصورا للعالم ليس إلا صورة من أحد مصورات الإدريسي (نقله Levi Provencal في Les historiens des chorfa. ص ١٨٨) وآخر مثال نضربه على ذلك هو الآراء الجغرافية التي كان يعتنقها مفتى الشافعية بمكة أحمد بن زينى دحلان عن أوربا وأنحاء أخرى من العالم (Geschriften: Snouck - Hurgronje Verspreide جـ ٣، ص ٧٨ و Mekka ليدن ولندن سنة ١٩٣١, ص ١٦٣).

على أن المعلومات الجغرافية المحسوسة الوافرة المقررة التي تجمعت بمضى الزمن في المصنفات الجغرافية العامة والإقليمية قد وصلت إلى أيدى المستشرقين المحدثين ليستعينوا بها في أبحاثهم في الجغرافيا التاريخية وتخطيط البلدان، ونحن نلمس في أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي أن العلماء