للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويدرك ابن تيمية الصلة بين تشديد المعاصى والقدرية إذ يقول إن الناس يرمون كل من يتشدد فى المعاصى بأنه قدرى، ومن أجل هذا اتهم الحسن بأنه يؤمن بمذهب القدرية. ولا شك فى أن الحسن قد اتخذ موقف القدرية، ولو أن ثمة محاولات بذلت من قبل تاريخ متقدم لتبرئته من هذه الوصمة (Ritter, ص ٥٧ وما بعدها) ويظهر أن هذا قد وضع أيضا فى رسالته لعبد الملك (طبعة Ritter، ص ٦٧ - ٨٣) وكذلك نوّه بـ "أخوة" الحسن وإيثاره. وكان من المعجبين به الشاعر الفرزدق فقد دعاه شاهدا على طلاقه من زوجه "نوار" (المبرد: الكامل، ص ٧٠).

ولم يبق من آثار الحسن الكثير، فإلى جانب القطع من مواعظه التى ذكرناها، فإن له "رسالة" إلى عمر بن عبد العزيز فيها طابع التقشف والموعظة (Ritter، ص ٢١ وما بعدها) وله أيضا رسالة إلى "أخ " فى مكة يمتدح فيها "المجاورة" بمكة (Ritter، ص ٨ - ٩)، وكتاب فى ٥٤ فريضة، لم يتثبت بعد من نسبته إليه (Ritter ص ٧ - ٨). ويروى الفهرست (ص ٣٤، س ١) أن الحسن كتب تفسيرا للقرآن الكريم. وقد ذكر ماسينيون (Essai: L. Massignon . ص ١٦٢ - ١٦٣) تفصيلات قليلة عن هذا التفسير. ويتناول برجشتراسر (G. Bergstraesser فى Islamica جـ ٢، ص ١١ وما بعدها نظراته اللاحقة فى قراءة القرآن الكريم. ويعد الحسن فى نظر المتأخرين من المحدثين محدثا قليل العناية بالأحاديث التى يرويها، فقد ذاعت أقواله هو وقيل إنها "أحاديث" ولم ينف هو ذلك (Ritter، ص ١١). ومن ثم فقد أساء الحكم عليه النقاد من المحدثين، ورماه الذهبى (ميزان الاعتدال مادة الحسن) بأنه "كثير التدليس" (Ritter ص ٢ - ٣).

أثره: كان أهل السنة والجماعة والمعتزلة يقولون إنه واحد منهم، ولو أن المعتزلة يزعمون أنه لا يمت لهم من حيث الأصل بصلة. أما أتباع "الفتوة" فيقولون إنه لإخوته إمامهم (Ritter ص ٤٠ وما بعدها). ويظهر اسمه فى سلاسل كثيرة من الطرق الصوفية بأنه حلقة فى هذه السلاسل ويذكر اسمه