للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تمثلت فى رجل هو فى رأينا صورة سيئة وإن كان المؤلف يعده ذا مشاركة أدبية ممتازة. ولسنا نجد فى هذا الكتاب أثرًا للقصة، وإنما هو يتناول وصف يوم أقيمت فيه مأدبة، ويسرد نماذج من الشعر وقطعًا من النثر المرصع المصنوع فى الصور البلاغية المألوفة فى عصره، كتبت لا بقصد عرض ما لدى المصنف من ذخيرة لغوية وإنما لإخراج صورة حية من صميم الحياة ويدافع المؤلف عن قصر حواره على شخص واحد يصور أحوال المدينة وآراء أهلها بعبارة طويلة نقلها عن الجاحظ (البيان، طبعة القاهرة، ص ٣١, س ١٢ - ٢٤) وهو على ما يظهر أول من رضيت نفسه عن تصوير طبقات الناس.

وقصة الأزدى فى جوهرها تطبيق للواقعية التى ميزت الشعر البدوى القديم على حضارة المدن، وقد تجلى فى هذا التطبيق كل ما فى اللغة والآراء من بداوة وغلظة تميز بين الصحراء والمدينة وتفرق بين القديم والجديد.

ولسنا نجد فى القصة أثرًا للحكاية البدوية التى ذكر المؤلف أنه ألحقها بقصته للمقابلة بين القصتين.

"وحاكية" فيما كتبه الجاحظ معناها "الشخص الذى يحاكى" وليس معناها الأديب الذى ينشئ القصص الأدبية.

إن التطور الذى خلق هذا النوع الفريد من الأدب عند أبى المطهر يحتاج إلى تفسير، أردّه أنا إلى أثر مذهب أرسطو عن القصة فى الأدب ("مميسيس" Poetics ١ - ٤) والجاحظ توفى ٦٦٢ للهجرة، وكتب أبو المطهر حكايته بعد سنة ٤٠٠ للهجرة (انظر Mez، ص ١٥) ولكن من الواضح أن كتاب الشعر لأرسطو لم يجد من ينقله إلى العربية ويعنى بدراسته إلا فى عصر متأخر عن ذلك. نعم، إن له مختصرًا صنفه الكندى المتوفى سنة ٢٤٧ هـ (انظر الفهرست ص ٢٥٠، س ٥, ص ٢٥٧، س ٦) ولكنه لم يترجم بتمامه حتى نقله متى بن يونس المتوفى سنة ٣٢٨ للهجرة (انظر الفهرست ص ٢٥٠، س ٤، ص ٢٦٣ السطر الأخير) وكتب تلميذه يحيى بن عدى المتوفى