للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والتغير الأخير فى معنى كلمة حكاية قد يسره من غير شك التطور الذى دخل سريعًا على الفعل "حكى" بمعنى "قص" ولهذا نجد اسم "حكواتى" الآن معناه القصاص الذى يقص الحكايات على الجمهور، وأصبحت كلمة "حكاية" تطلق على أى نوع من أنواع القصة وإن كان لا يزال فى الإمكان استعمالها بمعناها الأصلى حتى فى لغة العوام (انظر Dozy, sub. voc)

ولا نزال نحس فى اسم "حكواتى" ما يشعرنا بالمحاكاة، فإن القصاص الشرقى يمثل دائمًا الحكايات التى يقصها، على أننا فى بعض الأحوال نجد الأسماء تطلق على غير مسمياتها الصحيحة: نجد مثلا فى "نزهة الأبصار والأسماع فى أخبار ذوات القناع" وتاريخها غير معروف، قصة واقعية قصيرة فى ذم النساء يسميها المؤلف مقامة (ص ٨٢ - ٨٩, طبعة القاهرة، ١٣٠٥ هـ)

بقى الآن أمر واحد: هو أن التطور فى معنى "حكاية" كان محدودًا مقيدًا بعامل ثابت، فإن المتأدب فى العالم الإسلامى العربى على الأقل كان دائمًا لا يقدر القصة قدرها اللهم إلا فى بعض الحالات الفردية الشاذة. وهو لم يرض أبدا عن رواية وقائع وحوادث خيالية تروى لذاتها لا غير. ومثل هذه الروايات كان يعدها من شأن المسامرين والمضحكين والدهماء بوجه عام، ولم يكن المتأدب العربى بعد يعد من الأدب المهذب إلّا الحكايات التى كانت ترمى إلى أهداف أدبية كالأمثال التى جاءت فى "كليلة ودمنة" و"فاكهة الخلفاء" و "سلوان المطاع" وأمثالها؛ أو كالحكايات التى أريد بها أن تكون عرضًا للشعر الجيد والنثر البليغ مثل "لوعة الشاكى" وأنواع المقامات كلها، أو كالأخبار التى اشتملت على حوادث تاريخية وأدبية مثل "إعلام الناس" و"الفرج بعد الشدة"، و"مصرع العشاق"، أو كالقصص التى تهدف إلى غايات خلقية أو صوفية مثل "سلامان وأبسال" و "حى بن يقظان" لابن سينا و "المخيلات" لعلى عزيز الكريتى.

وقد عرف الكتاب المسلمون منذ زمن بعيد حكايات ذات قيمة أدبية جاءت