للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفاتحين. ونجد فى كثير من الأحيان محاكين بين أرباب السمر والمهرجين الذين كان يسمح لهم بالمثول بين يدى السلاطين دائما أو فى بعض الأحيان. والمسعودى (مروج الذهب، جـ ٨، ص ١٦١ وما بعدها؛ وانظر آدم ميتز، Renaissance, ص ٣٦٨ - ٣٧٨, الترجمة الإنجليزية، ص ٤٠٨) يؤكد هذا بروايته عن نجاح واحد من هؤلاء المحاكين فى بلاط المعتضد، وهو ابن المغازلى الذى قلد (يحكى، يحاكى. حكاية) جميع صنوف الناس، وكان يقرن تقليده بسلسلة متصلة من النوادر المضحكة. والحق أن الحكاية لم تستطع أن تكون محاكاة صامتة، ولم يجد المحاكى بدًا من تأليف مقطوعة صغيرة يتلوها أو التماس قصة تزيد محاكاته حرارة. ومن ثم فلا بد أن يكون المرء على خبرة واسعة حتى يتحاشى ترجمة كلمة "حكاية" فى حالات من هذا القبيل بكلمة "قصة" ولو أن المرء يمكن أن يدرك أن هذا المصطلح قد طبق أصلا على التقليد وحده، وشمل بعد الإيماءات والألفاظ، وأخيرًا الألفاظ وحدها، وخاصة حين بدأ المؤلفون يدونون الألفاظ التى يتلوها الحاكييون. ثم إن هذا التطور قد شجع عليه بعد إهمال الكتاب فى الاستعمال الدقيق للكلمات، فحجب هذا إلى حد كبير الحقيقة التى تبين أن المحاكين استمر وجودهم؛ بيد أن البرهان على ذلك ربما نجده طوال العصور الوسطى؛ وآدم ميتز (Renaissance، ص ٣٩٩؛ الترجمة الأسبانية، ص ٥٠٥؛ والترجمة الإنجليزية، ص ٤٢٣، غابت عنها هذه النقطة) يذكر حكاية واحدة سنة ٤١٥ هـ (١٠٢٤ م)، ومما هو جدير بالملاحظة أن الأداء موضع المناقشة قد استتبع أيضًا وجود روايات خيال الظل. ومع أن المسرح الحديث يستمد أصوله من بلاد أجنبية إلا أن مؤرخيه لم يغب عنهم أن يجدوا سوابق له فى "الحكاية"، وفى "الخَيَال" إذا شئنا التدقيق (انظر J. Landau فى Studies in Arab theatre and Cinema, فيلاديلفيا سنة ١٩٥٨، ص ١ وما بعدها)؛ وقد أغراهم أيضًا على وضع ذلك فى الحسبان ما يوجد فى تركيا باسم "مَدَّاح" أو "مُقَلَّد" مما يرادف تمامًا "الحاكية" الذى كان يروى النوادر فى