للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

محمود وانتهت بحلف يقوم على المصاهرة، فقد تزوج أمير دمشق ابنة زنكى وتزوج زنكى صفوت الملك الملكة الأم لأمير دمشق فأهدته حمص صداقا لها. وتلقى والى هذه المدينة معين الدين أنر بارين ولكمة وحصن الشرقى على سبيل التعويض. وتوفى زنكى بعد ذلك بسنتين فبادر أنر إلى التمكين لسلطانه على والى حمص، وكانت الرحبة على نهر الفرات، وتدمر تعتمدان على حمص. وكانت حمص من المعاقل الهامة التى دار حولها الصراع مع الفرنجة، ومجمعًا لجنود المسلمين تحميها من الهجمات المباغتة الضفة اليمنى لنهر العاصى، ومن ثم أصبحت من قواعد الحرب تتوسط خطًا يسير من الشمال إلى الجنوب، من حلب مارًا بشيزر وحماة إلى دمشق وبصرى وصلخد. وقد عسكر نور الدين هناك سنة ٥٤٤ هـ (١١٤٩ م). ولما حوصرت دمشق على يد الفرنجة فى الحرب الصليبية الثانية أصبحت حمص معقلا تتجمع فيه جنود نور الدين وسيف الدين غازى.

وقد وصف الإدريسى الجغرافى المعاصر لتلك الأيام حمص فقال إنها مدينة عامرة الأسواق طرقاتها مبلطة، ولاحظ أنه يقوم فيها أكبر مسجد جامع، ويذكر بصفة خاصة القنوات الكثيرة التى تروى البساتين والحدائق. وفى سنة ٥٤٨ هـ (١١٥٣ م) عسكر نور الدين فى حمص ومنع المؤن من أن تحمل إلى دمشق آملا أن تستسلم هذه المدينة. ونجح نور الدين بعد أشهر قلائل فى الاستيلاء على دمشق فى ١٠ صفر سنة ٥٤٩ هـ (٢٥ أبريل سنة ١١٥٤)، فمنح مجير الدين أبق الأمير المهزوم حمص تعويضًا له عن دمشق، إلا أن مجير الدين لم يحتفظ بها إلا مدة قصيرة.

وابتليت حمص وغيرها من مدن شمالى الشام بلاء شديدًا بالزلازل المتصلة التى وقعت سنة ٥٥٢ هـ (١١٥٧ م) فلما جاءت هزة سنة ٥٦٥ هـ (١١٧٠ م) أصابت حصونها التى قد وهنت بفعل الزلازل الأولى بأضرار فادحة.