للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العصر نفسه تقريبًا. ومن جهة أخرى فإن الترجمة البهلوية لكتاب (البانجاتنترا السنسكريتى يمكن أن نرجعها دون أن نخشى الزلل بحال إلى القرن الخامس الميلادى، بل إن تعريب ابن المقفع لهذا الكتاب حدث في تاريخ أقدم من سندباد نامه. ومن ثم يحق لنا أن نتساءل: متى وأين دخلت حكاية الحيوان في الأدب الفارسي؟ يقول ابن النديم صاحب كتاب الفهرست (حوالي عام ٤٠٠ هـ ١٠٠٨ م) "أول من صنف الخرافات، وجعل لها كتبًا، وأودعها الخزائن وجعل بعض ذلك على ألسنة الحيوان، الفرس الأول" (مقالة ٨، فن ١، ترجمة د. ب. ماكدونالد - D.B. Macdon The earlier history of the Arabian: ald nights؛ في JRAS سنة ١٩٢٤، ص ٣٦٤ - ٢٦٥). وتشير العبارة الأخيرة في هذا النص إلى أول أسرتين مالكتين فارسيتين، وهذه الفقرة، على أية حال، شاهد على أن الرأى في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادى) قد تواتر بأن رواية حكايات عن الحيوانات كانت راسخة كل الرسوخ في التراث الفارسي. وأدلى تيودور بنفي Theodor Benfey (البانجاتنترا، مجلد ١، ص ٢١، ليبسك سنة ١٨٥٩)، بالنظرية التي تقول إن الخرافات التي تقوم فيها حيوانات بدور البشر هي من أصل هندى، على حين أن الخرافات التي تقوم فيها الحيوانات بدور الحيوانات هي إيسوبية (١)، أي من الشرق الأدنى.

واستحدثت حكاية الحيوان في الأدب الفارسي القديم أساسًا لإيضاح أمور أخلاقية أو صوفية، ومن الشواهد المشهورة على ذلك: "حديقة الحقيقة" لسنائى (المتوفي سنة ٥٢٥ هـ = ١١٣٠ م) وتفسير أبي الفتوح رازى (المتوفي سنة ٥٣٨ هـ ١١٤٣ م) و"أسرار نامة" و"إلهي نامة" للعطار (المتوفي حوالي عام ٦٢٧ هـ = ١٢٢٩ م) وقبل ذلك كله يأتي المثنوى لجلال الدين الرومى (المتوفي سنة ٦٧٢ هـ = ١٢٧٣ - ١٢٧٤ م) وفي تراث أقدم مجموعات من حكايات الحيوان تأتي بصورة مباشرة أكثر من ذلك مجموعة "مرزبان نامه" للوراوينى (٦٢٢ هـ = ١٢٢٥ م)، و"طوطى نامه"


(١) نسبة إلى ايسوب (٦٢٠؟ -٥٦٠؟ ق. م) وهو كاتب إغريقى وضع عددًا من الحكايات على لسان الحيوان.