للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المصادر التي يمكن أن نستمد منها معلوماتنا عن مصر وأهلها في القرن التاسع عشر. وفي وسعنا أن نضم إلى هذا النوع من الكتب كتب الرحلات الوصفية المتنوعة، وبخاصة ما يصف منها الحج إلى مكة ككتاب البتانونى (انظر Lammese في R.M.M العدد الثامن والثلاثين) ووصف الرحلات الحجازية في السنين المختلفة (١٩٠١، ١٩٠٣ , ١٩٠٤ , ١٩٠٨) للواء إبراهيم رفعت باشا في كتابه مرآة الحرمين (وقد طبع في مجلدين بالقاهرة في عام ١٣٣٤/ ١٩٢٥).

ويجدر بنا قبل أن نختم هذا البحث أن نذكر ما كان باقيًا طوال القرن التاسع عشر من كتابات شعبية كثيرة باللغة العامية منظومة كانت كالمواويل والأزجال، أو منثورة كالأغاني والسير التي تصف أفعال أبطال العرب القدماء. وقد مصرت هذه السير تمصيرًا مختلف الدرجات، ومن هؤلاء أبو زيد وعنترة وغيرهما. وقد حاول محمد بن عثمان جلال، أن يستخدم اللغة المصرية العامية في الكتابة الأدبية، فترجم بين عامى ١٨٨٠ , ١٨٩٠ عددا من مؤلفات راسين Racine وموليير Molière إلى اللغة المصرية العامية. لكن الجمهور المتعلم لم يرض عن هذه الخطة. ثم قام أحد الأمريكيين في عام ١٨٩٦ يدعو إلى استخدام الحروف الهجائية اللاتينية (١) لكتابة أدب شعبى جديد بإحدى اللهجات العامية المصرية، ولكنه لم يفلح في دعوته، وإن اعتقد بعض المستشرقين أنفسهم في ذلك الوقت (مثل م. هارتمان M. Hartmann) أن هذه الدعوة قد تنجح (انظر: Z.A. , ١٨٩٨, ص ٢٧٧ وما بعدها) (٢).


(١) وقد تجددت هذه الدعوة فيما بعد على يد عبد العزيز باشا فهمى الذي تقدم إلى المجمع اللغوى بمشروع يرمى إلى هذا الغرض.
(٢) إن أخطر ما نتعرض له إذا نحن سمحنا بتدوين أدب باللهجات العامية هو استقلال كل لهجة عن الأخرى استقلالا يجعل الفوارق بينها، على مر السنين، كبيرة بحيث تصبح لغات مستقلة، كما حدث عندما انشعبت اللغة اللاتينية فكتب أهل إيطاليا بلهجتهم الخاصة، وكتب أهل فرنسا بلهجتهم كذلك، وفعل مثل ذلك أهل أسبانيا، وأهل البرتغال، وأهل رومانيا؛ فكانت النتيجة لغات مستقلة لا يتفاهم أهلها بعضهم مع بعض.
مهدى علام