للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإسلامية من الناحية النظرية إذن في حالة حرب دائمة مع العالم غير الإسلامى (١)، ولكن هذا الأمر مستحيل اليوم من حيث الواقع، وليس الحال يسمح بمحاربة العالم حربا لا تنقطع. ثم إن ثمة بقاعا كانت في يوم من الأيام تحت الحكم الإسلامى تنتقل الآن تدريجا إلى حكم غيرهم. ومن هنا لم يكن بد من أن يتغير الوضع القديم المنطقى لمسايرة هذا الموقف. ولا تصبح الدار التي كانت في يوم من الأيام دار إسلام دار حرب إلا في ثلاثة أحوال: الحالة الأولى أن تقام فيها شرائع الكفار ولا تقام شرائع المسلمين، والثانية الاتصال بدار الحرب بحيث لا تكون بينهما بلدة من بلاد الإسلام، الثالث زوال الأمان للمسلمين وذمييهم. والحالة الأولى أهمها جميعا، بل إن بعضهم قد رأى أنه مادام حكم واحد من أحكام الإسلام قائما ومتبعا في بلد من البلاد فإنها لا يمكن أن تكون دار حرب. وقد اهتم كشاف اصطلاحات الفنون (ص ٤٦٦) بالموقف في الهند فقال: "هذه البلاد دار الإسلام والمسلمين". والواقع بطبيعة الحال أن الفتنة في مثل هذه الظروف لا تكون شرعية إلا إذا كانت مأمولة النجاح يقود لواءها سلطان مسلم.

المصادر:

(١): Juynboll Handb des Islamischen Gesetzes ص ٣٤٠.

(٢): Snouch Hurgronje Politique Muslmane de la Hollande Nederland en de Islam ص ٨.


(١) ينبغي الاحتياط في فهم هذه العبارة، إذ ليس المقصود أن يكون بين المسلمين وغير المسلمين "حالة حرب" قائمة دائما. فالقرآن الكريم صريح في قصر الحرب على الحالات التي يعتدى فيها غير المسلمين: " {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} " (البقرة ١٩٠ - ١٩١). بل إن سماحة الإسلام تؤكد نفسها في قوله تعالى: " {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧) لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} " (الممتحنة ٧ - ٩)
(مهدي علام)