للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التفسير الصحيح في تفسيره (ج ٤، ص ٢١٠) وهو أن الله حرم الجمع بين الأختين إلا ما قد سلف، ولكنه تعالى لم يقض بتفريق مثل هذه الزيجات التي عقدت قبل التحريم (١). والروايات الإسلامية تأخذ بصفة عامة بالرأى القائل بأن يعقوب إنما تزوج راحيل بعد وفاة ليا. وهذا هو ما جاء فعلا في الطبرى (ج ١، ص ٣٥٥) والزمخشرى والبيضاوى وابن الأثير وغيرهم. بل إن الكسائى يذهب إلى أن يعقوب لم يتزوج راحيل إلا بعد وفاة ليا ووفاة أمتيه.

وفى هذا الأمر أيضًا تختلف الروايات الإسلامية عن التوراة، فتقول هذه الروايات إن يعقوب لم يتزوج راحيل إلا بعد أن خدم أربعة عشر عامًا. أما التوراة فتقول إنه خدم سبع سنين ثم تزوج ليا. وبعد انقضاء أسبوع على بنائه بها تزوج راحيل ثم خدم سبع

سنين أخرى. وهناك أقاويل عن خطبة يعقوب والحيلة التي عمد إليها لابان بأن دفع إليه ليا بدلا من راحيل ليلا "من غير قنديل ولا شمعة" تنير الغرفة التي دخل بها فيها.

ولراحيل أيضًا شأن في قصة يوسف. فقد ورث يوسف جماله عن أمه راحيل. ذلك أنَّه كان لهما نصف الجمال ولسائر العباد النصف الآخر، وفى روايات أخرى أنَّه قسم لهما ثلثا الحسن. بل جاء في قصة هجّاداة (قدوشين، ٤٩ ب) أن الحسن عشرة

أجزاء لهما تسعة وواحد بين سائر الناس (الثعلبى، ص ٦٩).

وعندما ترك يعقوب لابان لم يكن لديه مال ينفق منه على رحلته، ولما قام أخوة يوسف ببيغه مر بقبر أمه راحيل فلم يتمالك أن رمى نفسه عن الناقة إلى القبر وهو يقول "يا أمى انظرى إلى ولدك، يا أماة لو رأيتنى وقد نزعوا


(١) الَّذي جاء في الطبرى هو ما يأتى بالنص "وأما قوله أن تجمعوا بين الأختين فإن معناه وحرم عليكم أن تجمعوا بين الأختين عندكم بنكاح، فإن في موضع رفع كأنه قيل والجمع بين الأختين إلا ما قد سلف، لكن ما قد مضى منكم فإن الله كان غفورًا لذنوب عباده إذا تابوا إليه منها، رحيما بهم فيما كلفهم من الفرائض، وخفف عنهم فلم يحملهم فوق طاقتهم. يخبر بذلك جل
ثناؤه أنَّه غفور لمن كان جمع بين الأختين بنكاح في جاهليته وقبل تحريمه ذلك إذا اتقى الله تبارك وتعالى بعد تحريمه ذلك عليه فأطاعه باجتنابه، رحيم به وبغيره من أهل طاعته من خلقه".