للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الرجم]

رمى الحجارة. ومادة ر- ج- م أصلها سامى، وتوجد مشتقاتها فى "العهد القديم"، بمعنى "قتل مخلوق بغيض أو طرده برميه بالحجارة"، والـ "رجم" "الحجارة المجتمعة، أو جماعة الناس أو الصياح أو الصخب" ومعنى مادة ر- ج- م فى لغة العرب هو القتل بالرمى بالحجارة أو السب واللعن، والرَجْم الحجارة مجتمعة، وهو يدل أيضاً على الحجارة التى تنصب على القبور إما على هيئة علامات وشواهد منفردة، وإما على هيئة حجارة مجتمعة. وقد نهى الحديث عن نصب الرجَم فوق القبور، ويوصى بأنُ يْجَعل القبر فى مستوى سطح الأرض. وقد اخُتلف فى قول عبد الله بنُ مَغفل المزني: "لا تُرجِّموا قبرى"، فقيل معناه: لا تجعلوا عليَه الرَجم، وهو الحجارة، أراد بذلك تسوية قبره بالأرض وألا يكون مرتفعاً مُسنَّما؛ وقيل معناه: لا تنوحوا عند قبرى، أى لا تقولوا عنده كلامًا قبيحاً، من الرجم، بمعنى السب والشتم.

ورمى الحجارة أو موضع رميها عند منى يسمى الجمرة. وقولهم "جمرات العرب"، مأخوذة من الجمرة، وهى القبيلة المجتمعة يداً واحدة، تقاتل من ناوأها ولا تنضم إلى أحد. وهنا نجد المعنيين القديمين لمادة ر ج م التى يمكن ردّها إلى مادة جـ -م، وهى فى العربية "جم" و"جْمع". وفقهاء اللغة العربية يرون أن "الجمرة" بمعنى مجمع الحصى مأخوذة من قولهم "جمرات العرب" وعلى هذا فيجب ألا يغرب عن بالنا خاصة المعنى المزدوج لكلمة "رجم" وكذلك تبدّل مكان الحروف من قولهم "جَمر" ألى قولهم: "رجم".

وإلى جانب ماتدل عليه كلمة "الرجم" من حد الزنا برمى الزانى بالحجارة فهى تدل أيضًا على رمى الجمرات فى منى، وهو من الشعائر التى كانت موجودة قبل الإسلام، وأبقاها النبى (عليه الصلاة والسلام) وجعلها من مناسك الحج (١).


(١) الحقيقة أن الحج ومناسكه ترجع، بحسب المأثور العربي الذى لاشك فيه، إلى دين إبراهيم عليه السلام.
وكان هذا لايزال موجودا فى مكة، وإن كانت قد طغت عليه مظاهر وثنية. والإسلام يبنى على دين إبراهيم من حيث العقيدة ومن حيث بعض الشعائر. والمأثور العربي القديم والعربى الإسلامى أصدق فيما يتعلق بإبراهيم من غيره، وخصوصا أن الشطر الخاص بإبراهيم وإسماعيل كان لهما شأن فى جزيرة العرب غير موجود فى التوراة، وأسباب ذلك معروفة.