للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[زبور]

كلمة عربية يرجح أنها استعيرت من لغة أهل الجنوب، على أن الشعراء الجاهليين استعملوها فعلا بمعنى "كتاب" واستعملها الفرزدق أيضا بهذا المعنى (النقائض، قصيدة ٧٥، بيت ١)؛ وقد وردت فى القرآن بصيغة الجمع "زُبر" منذ العهد المكىّ الثانى للدلالة على الكتب المنزلة (سورة الشعراء، الآية ١٩٦؛ سورة آل عمران، الآية ١٨١ (١)؛ سورة النحل، الآية ٤٦ (٢)؛ سورة الملائكة الآية ٢٣) (٣)، وعلى كتب الحفظة التى تسجل فيها أفعال العباد، (سورة القمر، الآية ٤٣ و ٥٢) على أن المفرد "زبور" لا يرد فى القرآن إلَّا مقترنا باسم داود. فقد جاء فى الآية ٥٧ (٤) من سورة بنى إسرائيل، أن اللَّه آتى داود زبورًا. وجاء ذكر هذا الزبور مرة أخرى فى القرآن فى الآية ١٦١ (٥) من سورة النساء، كما أن الآية ١٠٥ من سورة الأنبياء تنقل من هذا الزبور وتكاد تردد عبارة الآية ٧٩ من المزمور ٣٧ بالنص (٦). ومن الجائز أن يكون الشعراء الجاهليون قد علموا بالفعل بأن داود هو صاحب الزبور، من ذلك أنه لا يستبعد أن يكون هذا المعنى هو الذى قصد إليه امرؤ القيس بقوله "كخط زبور فى مصاحف رهبان" (القصيدة ٦٣، بيت ١). على أن هذا الاستعمال للمصطلح زبور -بصرف النظر عن مسألة كون القرآن هو أول من استعمله- يقوم على قربه فى النطق من الكلمة العبرية مزمور والكلمة السريانية مزمور أو الكلمة الأثيوبية مزمور. والمصطلح مزمور هو الذى قيل إن معناه "كتاب" قياسًا على معنى الكلمة العربية زبور. وفى القرآن علاوة على الآية ١٠٥ من سورة الأنبياء آيات


(١) ١٨٤ بترقيم المصحف العثمانى.
(٢) ٤٤ بترقيم المصحف العثمانى.
(٣) رقم الآية ٣٥ واسم السورة "فاطر".
(٤) رقم الآية فى المصحف العثمانى ٥٥ واسم السورة "الإسراء".
(٥) ١٦٣ بترقيم المصحف العثمانى.
(٦) لقد ردد المستشرقون هذا القول فى مواضع كثيرة، وقد سبق أن رددنا عليهم فى أكثر من مادة من مواد الدانرة. ونكتفى فى هذا المقام بأن نقرر أن القرآن الكريم لا يؤخذ عليه التشابه مع ما سبقه من الكتب المنزلة فقد جاء مصدقا لما بين يدى اللَّه من التوارة والإنجيل، وكلها كتب سماوية.