للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جارية على ألسنة العرب، مستقرة فى لغتهم، قبل ظهور الإسلام، وقبل بدء التفكير الفلسفى الإسلامى، وكانت لها مدلولاتها التى تحددت فيما بعد على أيدى المفكرين الإسلاميين من متكلمين وفلاسفة. بعد هذا تحسن الإشارة إلى أن معظم هذه الكلمات كانت تستعمل أسماء وأفعالا (أبّد، دهَر، مد، وامتد، حان، وقّت. . . إلخ، )، وأن بعضها له دلالة الفعل الإيجابى المتلف أو المهلك (فيقال مثلا: دهر فلانا أمر، بمعنى أصابه مكروه أو نزلت به نازلة؛ أو يقال: دهره الجزع، بمعنى غلبه أو أتلفه، ويقال: دهور الشئ جمعه وقذفه فى مهواة، ويقال: زَمِن الشخص زمنا، وزُمنة أو أصابته الزمانة (العاهة أو الضعف) فهو زَمِن وزمين؛ ويقال: حان حينه، أى قرب وقت هلاكه، والحين الهلاك والنهاية والموت، والحائنة النازلة. . . إلخ.) وفى كتب اللغة مادة غزيرة تتعلق بهذه الكلمات، وفيها تحديد لمعنى كل كلمة، لا من الناحية الاصطلاحية الفلسفية بطبيعة الحال، بل من ناحية الاستعمال اللغوى الدال على المفهومات التى توصل لها العرب. ولو نظرنا فى هذه المادة فى جملتها لوجدنا، بوجه عام، أن كلمة "الدهر" تطلق على الزمان المتطاول الذى لا تكاد تكون له نهاية: لا من أوله ولا من آخره؛ ومن ذلك عبارة "الدهر الداهر". أما كلمة "الأزل" فهى تطلق على الامتداد الزمانى الذى لا أول له فى الماضى، "والأبد" هو الدهر من حيث الامتداد خصوصًا فى المستقبل، ومن ذلك عبارة "أبد الآبدين" و"الأبد الأبيد"، والسرمد دوام الزمان خصوصًا فى المستقبل، وكل من "الزمان" و"المدة" و"الحين" و"الوقت" يطلق على المقدار المحدود من الدهر، قليلا كان هذا المقدار أو كثيرًا، مع أنواع من التمييز فى الاستعمال الدقيق، وهذه الكلمات الأخيرة كلها تستعمل مع الإشارة إلى شئ واقع معين، وكلمة "الآن" تطلق على الزمان أو الوقت الحاضر.

كل هذا يتعلق بالمعنى اللغوى كما يوجد فى كتب اللغة، بحسب المأثور من استعمال الكلمات وبحسب الشواهد اللغوية القديمة التى سجلها علماء اللغة؛