للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بقبيلته صلة نسب، وهنا ولد زهير وتزوج زوجته الأولى، وهى أخت الشاعر بشامة بن الغدير، ولعلها أم عوف (أوفى) التى ذكرها فى كثير من قصائده. وقد نظم فى طلاقها قصيدة أبدى فيها ندمه، ولدت له امرأته هذه أولادًا ماتوا جميعًا فى طفولتهم؛ أما زوجته الثانية كبشة بنت عفار من بنى عبد اللَّه بن غطفان فقد كانت أم أولاده كعب وبجير وسالم، وكان ابناه كعب وبجير شاعرين كأبيهما، وقد شهدا الإسلام؛ وكان بجير من أوائل من دخلوا فى دين اللَّه. فى حين اضطر كعب إلى التكفير عن معاداته رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بنظم قصيدته المشهورة التى كثيرًا ما يطلق عليها "البردة" (١)؛ أما ابنه الثالث سالم فقد مات شابًا، إذ سقط عن جواد أهداه رجل إلى ابيه؛ وعاش زهير خلال الحرب الضروس التى نشبت بين عبس وذبيان، وهما عشيرتان من بنى غطفان، وتسمى هذه الحرب حرب داحس؛ وأشهر قصائد زهير هى القصيدة التى دخلت فى عداد المعلقات، ومدح بها سيدين من سادة بنى مرة بن غطفان هما الحارث بن عوف وهرم بن سنان لأنهما احتملا ديات الأسر فى العشيرتين عمن قتلوا فى الحرب التى قامت بين الإخوة، بل إنهما تعهدا بتحمل دية أخرى عندما كادت فعلة الحسين بن دمدم تهدد بنقض معاهدة الصلح. وقد أشاد زهير فى قصائده الأولى بسنان بن ابى حارثة، والد أحد هذين السيدين، وتضمن ديوانه أيضًا مرثية فى وفاته؛ ولم يرد فى قصائده المذكورة فى الدواوين المحفوظة قصيدة واحدة يشير فيها إلى قومه بنى مزينة بالرغم من أن قصائده ربما كانت قد حفظت فى حال أحسن من قصائد سائر شعراء العرب الأقدمين؛ ويروى فى كل قصائده تقريبًا أخبار بنى غطفان أو ما وقع له من حوادث.

وثمة قصائد ثلاث روى فيها خبر عبد له وماشية سرقها منه الحارث بن ورقاء الصيدوى من بنى أسد، وقصائد غير هذه ناشد فيها القبائل على اختلافها الكف عن الإغارة على بنى


(١) (وهي المشهورة باسم "بانت سعاد" (م. ع).