للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعليق على مادة السبعية]

أن تاريخ الشيعة السبعية، شأنه شأن تاريخ الشيعة فى الجملة، غامض حقيقة، كما يقول كاتب المقال. ولكن هذا الغموض لم يأت من جهل المؤرخين من الشيعة أو من غيرهم بمنشأ الشيعة وبفرقهم وآرائهم، بل هو قد جاء من أن الشيعة فى الغالب كانوا يسعون للحصول على حق سياسى اعتبروه حقا شرعيا إزاء دولة قائمة بالفعل، فكان لابد أن يتسم سعيهم ودعوتهم وكل نشاطهم إما بالفتنة بعد إعدادها سرا، كالذى حدث من الذين خرجوا من آل البيت على الدولة الأموية وعلى الدولة العباسية إلى حوالى القرن الثالث الهجرى، فحاربوا واستشهدوا فى بطولة نادرة (١)، وإما بالدعوة السرية التى تنحرف عن المبادئ الشيعية من الناحيتين النظرية والعملية، وإن كانت قد تنتهى بالفتنة السياسية كما حدث من الباطنية وأمثالهم.

والمعروف الذى لا شك فيه أن الشيعة كانوا يريدون من أول الأمر، بعد وفاة النبى عليه الصلاة والسلام مباشرة، أن تكون الخلافة فى أهل بيت النبى عليه الصلاة والسلام. ولهم فى ذلك أسانيد من النصوص يخالفهم خصومهم فى صحتها أو فى فهمها، ومن اعتبارات أخرى لا يعدها خصومهم اعتبارات جوهرية ولا حاسمة. ومن الطبيعى أنه إزاء الفكرة النظرية والأصول العملية التى تحققت بالفعل فى الجماعة الإسلامية كان لابد أن تبدو آراء الشيعة وأساليبهم أشياء شاذة. وليست محبة آل البيت ولا تأكيد حقهم فى الخلافة من جانب من يسلم لهم بهذا الحق بالأمر المستنكر لا عقلا ولا شرعا، خصوصًا بعد مقتل على رضى اللَّه عنه. ولكن كان يمكن الإعراب عن ذلك والعمل من أجله بالوسائل الملائمة والمتفقة مع المعقول. غير أن آل البيت تعرضوا للمحنة من أول الأمر. ولا شك أنه من أول الأمر، أى منذ أيام على


(١) ذكر المؤرخون كل ثوراتهم وظروفها ونهايتها، وأحصى الأشعرى فى "مقالات الإسلاميين" طبعة استانبول ١٩٢٩، ص ٧٥ - ٨٥، من خرج منهم حتى أيامه.