للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رضى اللَّه عنه، قد اندس بين الشيعة قوم هم المسمون غلاة الشيعة"، تدل أفكارهم وأفعالهم على أنهم بعيدون عن الإسلام من حيث هو عقيدة وشريعة، وعلى أن منهم من أراد الكيد للإسلام ودولته، لأسباب يسهل فهمها، وهى ترجع إما إلى أنهم لم يؤمنوا بالإسلام إيمانا حقيقيا فأرادوا إفساده، أو إلى أنهم كانوا يريدون إسقاط الدولة العربية من طريق هدم أساسها وهو الإسلام، أو أن يكونوا مسلمين لجأوا إلى هذه الآراء العجيبة لكى يلتف حولهم أنصار يتخذونهم وسيلة لمآربهم المتنوعة.

ولا يستطيع المؤرخ المحايد أن يعتمد كل الاعتماد على ما يقوله علماء الشيعة عن الشيعة، كما لايستطيع من جهة أخرى أن يثق ثقة عمياء بما يقوله عنهم خصومهم من علماء أهل السنة، لأنهم خصوم. ولكن الأمر واضح إلى حد كاف أمام المؤرخ الناقد. ولا يمكن أن يكون كل ما يحكيه مؤرخو أهل السنة من مذاهب فرق الشيعة افتراء، لأنه لا يوجد ما يدعوهم إلى ذلك؛ وهؤلاء المؤرخون فى العادة أمناء فى حكايتهم لآراء مخالفيهم من الإسلاميين وغير الإسلاميين وإن كانوا قساة فى النقد لما يخالف مذهبهم. والثابت مما كتبه مؤرخو الفرق أن منشأ غلو الشيعة ليس إسلاميا؛ فهو يرجع إلى عبد اللَّه بن سبأ، الذى كان يهوديا فأسلم، وأحدث فى الإسلام أيام الفتنة التى أحاطت بمقتل عثمان رضى اللَّه عنه فكرة الوصاية" للنبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، وأن الوصى هو على رضى اللَّه عنه، ثم غلا فى علىّ حتى ألهه، فكان نصيبه أن عليا أمر بإحراقه. ثم استقرت بين غلاة الشيعة فكرة "الوصاية" وعدم موت الأئمة، حتى لو قتلوا، وحلول روح اللَّه فيهم بل وتأليههم. ومن زعماء فرق الشيعة من ادعى النبوة، بل منهم من ألّه نفسه. هذا إذا صرفنا النظر عن فكرة الرجعة، رجعة الأئمة أو غيرهم، وفكرة التناسخ والتجسيد إلى غير ذلك وكل هذا اقترن من أول الأمر عند زعماء من أهل الفساد، بطرح أحكام الشريعة والميل إلى الإباحة.

وأول ما يستحق أن يلاحظ المؤرخ المنصف أن الذين خرجوا من آل البيت فى ثورة على الدولة طوال القرون