للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأخرى الخاصة بأعمال سلمان (نصيبه فى فتح العراق وفارس، وولايته للمدائن وغيرها) لأن جلها أو كلها يرجع إلى عهد المؤرخ سيف بن عمر وهو مؤرخ عرف كتابه بالتحيز والهوى [فى رأى البعض]. وليس من شك فى أن شهرة سلمان تكاد ترجع جميعها إلى أصله الفارسى، فهو المثال الأول للفرس الذين دخلوا فى الإسلام (شأنه فى ذلك شأن بلال الذى يمثل الأحباش وصهيب الذى يمثل الروم) وكان لهم شأن فى تطوره. وقد أصبح سلمان بهذه الصفة البطل القومى لفارس الإسلامية وشخصية من الشخصيات المحبوبة لدى الشعوبية (انظر Muh. Studien: Glodziher، جـ ١، ص ١١٧، ١٣٦، ١٥٣، ٢١٢)، ومما يفسر لنا أكثر الأحاديث التى تتعلق بسلمان ما روى من أن النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] أنبأه بأن الفرس سيصبحون من خيرة الجماعة الإسلامية، وإنه صرح بأن سلمان من أهل البيت [كنوع من التكريم] وأن نصيبه السنوى من بيت المال كان مساو لنصيب الحسن والحسين حفيدى الرسول الخ. والحق أن شخصية سلمان التاريخية من أغمض الشخصيات، ومن العسير أن نسلم بأن أمره يقوم على أنه عبد فارسى من أهل المدينة دخل فى الإسلام.

وقد تطورت شخصية سلمان تطورًا عجيبًا لا يقتصر على القول بأنه من مؤسسى مذهب التصوف هو وأهل الصفة (كتاب اللمع، طبعة Nicholson ص ١٣٤ - ١٣٥) بل إن الموضع الذى يقال إن به قبره قد أصبح منذ عهد متقدم جدا مزارًا دينيًا (على أكثر تقدير فى القرن الرابع الهجرى، انظر اليعقوبى: كتاب البلدان، المكتبة الجغرافية العربية جـ ٧، ص ٣٢١) ولا يزال الناس يشيرون إليه فى جوار المدائن القديمة فى المكان الذى عرف بسلمان باك (أى سلمان الطاهر) نسبة إليه بالقرب من ضاحية إسباندر القديمة. وقد جدد السلطان مراد الرابع (١٦٢٣ - ١٦٤٠ م) المسجد الذى به ضريح سلمان، وهو المسجد الذى شاهده بيترو دلافاله Pietro della Valle عام ١٦١٧ وهو فى أقدم صورة