للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتفاوضوا مع مصر وعقدت اتفاقية سنة ١٩٣٦ وأعيدت إلى السودان قوات مصرية محددة وتوالت الأحداث: إيطاليا تحتل إثيوبيا وتنشئ إمبراطورية شرقى إفريقية، وتعكر الجو السياسى بتوسع ألمانيا النازية فى أوربا، وقامت الحرب العالمية الثانية وكان أحد ميادينها شرقى إفريقية وشماليها وانتهت الحرب بهزيمة ساحقة لإيطاليا فى إفريقية والفاشية والنازية فى أوربا، وأسرعت خطى إدارة السودان فى تنظيماتها المحلية بقيام أجهزة الحكم المحلية، وإنشاء المجلس التشريعى لشمالى السودان، وتطور الموقف بالنسبة لجنوبى السودان الذى كان يعيش فى شبه عزلة تامة عن الشمال، واشتد الوعى القومى وقامت الأحزاب السياسية وانتشرت الصحف المحلية واستنار الرأى العام فى السودان وأخذ فى تقوية جبهته للحصول على حقوقه، وانتقلت مسألة السودان من محيطها المحلى إلى المجال الدولى. وبعد صراع مرير تم اتفاق فبراير سنة ١٩٥٣ لتحقيق مطالب السودانيين فى إدارة بلدهم (١). وتم جلاء القوات العسكرية المصرية والبريطانية استجابة لموافقة البرلمان السودانى ففى ١٦ أغسطس سنة ١٩٥٥ واجتمع ممثلو الأحزاب السودانية فى ١٧ ديسمبر سنة ١٩٥٥ واتخذوا قرارات بإعلان استقلال السودان وتأليف جمعية تأسيسية لوضع الدستور وقيام لجنة سودانية بتسليم مهام الحاكم العام. وقد وافق البرلمان على هذه القرارات بالإجماع، وأبلغ القرار الذى وصل إلى البرلمان إلى دولتى الحكم الثنائى -مصر وبريطانيا- وطلب منهما الاعتراف بهذا الإعلان، وتمت الموافقة، وأعلن السودان دولة مستقلة ذات سيادة اعتبارًا من اليوم الأول من يناير سنة ١٩٥٦؛ وبادرت الدول بالاعتراف بالدولة الجديدة وتبادلت معها التمثيل الدبلوماسى وانضم السودان الجديد إلى جامعة الدول العربية كما أصبح عضوًا فى الأمم المتحدة، واختارت


(١) قامت حكومة الثورة بمصر بمجهود معروف فى حمل بريطانيا على الاعتراف بحق السودان فى تقرير مصيره [د. مهدى علام]