للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحد قوامه عرض منتظم النسق للتاريخ العام، أو كانت لا تشير، وهذا أرجح، إلى أسماء كتاب أو عدة كتب نشرها المؤلف نفسه برمتها وإنما هى فى جوهرها تتفق مع طبيعة التأليف العربى فى زمن ابن إسحاق فتدون ما تتلقاه بالرواية الشفهية، فإنها تدل فى صورة موجزة على كل ما بذله ابن إسحاق من جهد فى كتابة التاريخ الذى نشر تلاميذه المختلفون وأذاعوا متفرقين جزءًا أو آخر منه. وهذا يفسر ما نراه فى الوقت الحالى من وجود سيرة لابن إسحاق مستقلة عن سائر كتابه تتمثل فى رواية ابن هشام المشهورة التى يسلم الناس عامة الآن بأنها قد حفظت لنا النص الأولى لابن إسحق كما كان تقريبًا. ولم يحظ بهذا التوفيق الجزءان الآخران من آثاره، وهما "كتاب المبتدأ" و"كتاب الخلفاء" اللذان لم يبق منهما إلا متفرقات اوردها الكتاب المتأخرون وبخاصة الطبرى.

ونخلص من ذلك إلى أن ابن إسحق أراد أن يصنف كتابًا أوسع مدى من المغازى التى صنفها أسلافه. وهذا يبين لنا السبب فى أن استخدام الإسناد فى كتابه قد اضطرب اضطرابًا جعل علماء الحديث ينكرون عليه صفة المحدث الثبت (انظر النصوص التى جمعها فستنفلد، ابن هشام، جـ ٢، المقدمة) وهذا الحكم (وقد أعلن فى حياة ابن إسحاق نفسه، ولم يكن معلنه إلا الفقيه الكبير مالك بن أنس) عظيم الأهمية، فهو يفرق تفرقة واضحة بين الحديث التاريخى والحديث العقيدى الخالص. وغنى عن البيان أننا نجد فى مجاميع الحديث بمعناه الدقيق بحر صحيح البخارى ومسلم وغيرهما، معلومات من الطراز الأول تتعلق بالتراجم (وبخاصة الكتب المقصورة على المغازى والمناقب) ولكن احتواءها على مادة مشتركة بينها وبين التراجم إنما يزيد الفرق بين هذين النوعين من التأليف تأكيدًا على تأكيد.

وقد جمع ابن إسحق مادة وافرة متنوعة فاضطره ذلك إلى التوسع فى مراجعة وقبول عدد من الروايات لا تدعمها الأسانيد دعما كافيًا، بل هو قد عنى بذكر مصدر بعض أخباره ذكرًا لا يتسم دائمًا بالوضوح الكبير. وخالف