للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إخماد هذه الفتن. ورأى الترك أن الوقت قد حان لإعادة فتح سورية. ونزلت بهم هزيمة ساحقة عند نصيبين (٢٧ يونية ١٨٣٩) شمالى حلب. وهنالك تدخلت الدبلوماسية الأوربية بتحريض انجلترا التى كانت قد أزعجتها أطماع محمد على. ولم تكن انجلترا تهتم بمصر أى اهتمام حتى حملة بونابرت ثم انشغلت بعدها انشغالا لا يفتر بمصر والبحر الأحمر وأثار وكلاؤها الخواطر فى لبنان بأسره. وقذف أسطول من الحلفاء بيروت بالقنابل (سبتمبر ١٨٤٠) وفى ٢ نوفمبر سلمت عكا، واضطر إبراهيم إلى الاتفاق على الجلاء عن سورية. وكان الأمير بشير قد مضى إلى منفاه قبيل ذلك.

واستن الباب العالى منذ عهد محمود الثانى سياسة تقوم على المركزية فى الإدارة وأصدر مرسوما بإلغاء الإمارات المحلية المستقلة استقلالا ذاتيا وإبطال الإقطاعيات ولما رحل المصريون عن سورية نقل الباب العالى إلى بيروت التى كانت أهميتها فى ازدياد مطرد، المراكز الإدارية لباشويتى عكا وصيداء القديمتين، تمهيدا لضم لبنان. وتحقيقا لهذا الغرض نفسه أعلنت إقالة دولة أمراء لبنان القديمة ونعنى بهم الأمراء الشهابية. وإنما نتج عن هذا إشاعة الفوضى الناشبة هناك، فقد كان النصارى الذين ناضلوا المصريين يطالبون بأن يعاملوا على قدم المساواة مع الدروز، وكان عدد منهم قد استحوذوا فى جنوبى لبنان على الأراضى المصادرة لمشايخ الدروز الذين كان إبراهيم باشا قد نفاهم، ثم عاد هؤلاء من منفاهم فطالبوا بأن يعودوا إلى ما كانوا عليه وأن ترد إليهم امتيازاتهم القديمة، وانحازت تركية إليهم، فمهدت بذلك السبيل إلى نشوب المعارك الجديدة والقتال الدموى، وأظهر مسلمو سورية عداوة لا تقل عن ذلك عنفا حيال النصارى الذين كان الحكم المصرى قد أطلق لهم بعض حرياتهم، ولم يحفلوا بالتقدم العقلى والمادى الذى أصابه النصارى، ولا بالمساواة فى الحقوق السياسية التى وعد بها "الخط السلطانى". وكان الخط الهمايونى الذى أصدره السلطان