للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التميز واضح فى القرآن لأنه أدق ما يكون الحس اللغوى، فيما عرفت العربية، وهو كتاب إعجازها.

ولو اتسع المجال لعرضت استعمالات القرآن للفظتين وبينت فروقها، لكن المجال لا يتسع هنا لذلك. وبتقرر التمييز الواضح بين الكلمتين لا يكون موضع لمعاودة الكاتب تقرير عدم التفريق ثانية بقوله: "قد نسى المعنى القديم لكلمة شهيد وهو الشاهد فى الإسلام".

[٢ - مأخذ معنى الشهيد]

قال كاتب المادة: ". . وليس فى القرآن شواهد على أن كلمة شهيد لها معنى: من يشهد بدمه أو يموت شهيدا، وإنما حاول متأخرو المفسرين أن يستخرجوا هذا المعنى. . الخ. . . " كما قال: "وتطور معنى كلمة شهيد فى دلالتها على من يموت شهيدًا. . . تطور حصل بتأثير جاء من جانب النصرانية -فإن كلمة "ساهدا" السريانية. . . والبحث الذى كتبه فنسنك عن الشهداء فى المشرق يثبت أن التطور الذى وقع فى النصرانية وفى الإسلام قد سار على غرار واحد، حتى فى التفاصيل، وأن نظرية الشهداء فى هاتين الديانتين ترجع أخيرا إلى تراث شرقى قديم يهودى، وإلى آراء من العهد اليونانى المتأخر"، "وقد نسى فيما بعد المعنى القديم لكلمة شهيد، وهو الشاهد فى الإسلام، إلى حد أننا نجد خطأ مطردا، فى تفسير أصل كلمة شهيد من شهد بمعنى رأى، عاين، حضر"

وفى هذه الفقرة مجال للنظر:

فمن حيث سلامة المنهج البحثى يلحظ: أن دعوى حصول تطور معنى كلمة شهيد إلى من يموت فى سبيل اللَّه حصل بتأثير جاء من جانب النصرانية. . هى دعوى لم يستدل لها ما بعدها من كلام الكاتب، إلا أنه أورد شيئين:

١ - الكلمة "ساهدا" السريانية المرادفة للكلمة اليونانية الواردة فى العهد الجديد. . . وعلى فرض أن صلة لغوية على هذا الوجه، بين العربية والسريانية، بل على فرض أن دلالة لفظ شهيد قد تأثرت بالكلمة السريانية، أو حتى كانت تعريبا لها، وذات صلة بالكلمة اليونانية، فإن كبرى الدليل بعد